التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢١٤
النار في النار، وقيل: سميت بذلك لأنها ابتداء أوقات الآخرة، فهي ابتداء تجديد الساعات.
وقوله " بغتة " أي فجأة، وإنما كانت الساعة بغتة مع تقديم الانذار بها، لأنهم مع الانذار لا يدرون وقت مجيئها، كما لا يدري الانسان وقت الرعد والزلازل، فتأتي بغتة وإن علم أنها تكون.
ثم قال تعالى " الأخلاء " وهو جمع خليل " يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " يعني من كانت خلته في دار الدنيا في غير طاعة الله بل كانت في معصية الله، فان تلك الخلة تنقلب عليه عداوة، لان صاحبها يتبين فساد تلك الخلة يوم القيامة وإنما كان كذلك، لان كل واحد من المتخالين في غير طاعة الله يزين لصاحبه خلاف الحق ويدعوه إلى ما يوبقه ويورثه سوء العاقبة بدل ما كان يلزمه من النصيحة له في الدعاء إلى ترك القبيح وفعل الحسن ثم استثنى من جملة الأخلاء الذين اخبر عنهم أنهم يصيرون أعداءا " المتقين " لان من كانت مخالته في طاعة الله وعلى ما أمر الله به فإنها تتأكد ذلك اليوم ولا تنقلب عداوة.
ثم اخبر تعالى بما يقال للمؤمنين المطيعين من عباده فإنه يناديهم فيقول لهم " يا عبادي " وخصهم بأنهم عباده من حيث أطاعوه واجتنبوا معاصيه " لا خوف عليكم اليوم " من العقاب " ولا أنتم تحزنون " من فوت الثواب. ثم وصف عباده وميزهم من غيرهم فقال " الذين آمنوا بآياتنا " يعني الذين صدقوا بحجج الله فاتبعوها " وكانوا مسلمين " أي مستسلمين لما أمرهم الله به منقادين له.
ثم بين انه يقال لهم " ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم " اللاتي كن مؤمنات " تحبرون " أي تسرون فيها، والحبور السرور الذي يظهر في بشرة الوجه اثره، وحبرته حسنة بما يظهر أثر السرور به. وقال قتادة وابن زيد: معنى " تحبرون "
(٢١٤)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست