بطشا من هؤلاء المشركين الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وآله، فلذلك قال " أو مضى مثل الأولين " أي وهو مثل هؤلاء الباقين، ومعناه انكم قد سلكتم في تكذيب الرسل مسلك من كان قبلكم فاحذروا أن ينزل بكم من الخزي ما نزل بهم. قال الحسن: أشد قوة من قومك. ثم قال " ولئن سألتهم " يعني الكفار " من خلق السماوات والأرض " بأن انشاءها واخترعها " ليقولن " أي لم يكن جوابهم في ذلك إلا أن يقولوا " خلقهن " يعني السماوات والأرض " العزيز " الذي لا يغالب ولا يقهر " العليم " بمصالح الخلق، وهو الله تعالى، لأنهم لا يمكنهم أن يحلفوا في ذلك على الأجسام والأوثان لظهور فساد ذلك، وليس في ذلك ما يدل على أنهم كانوا عالمين بالله ضرورة، لأنه لا يمتنع أن يكونوا عالمين بذلك استدلالا وإن دخلت عليهم شبهة في أنه يستحق العبادة، سواه. وقال الجبائي لا يمتنع أن يقولوا بذلك تقليدا لأنهم لو علموه ضرورة لعلموا أنه لا يجوز أن يعبد معه غيره وهو الذي يليق بمذهبنا في المواقاة.
ثم وصف العزيز العليم الخالق للسموات والأرض فقال هو " الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا " تسلكونها لكي تهتدوا إلى مقاصدكم في أسفاركم.
وقيل: معناه لتهتدوا إلى الحق في الدين والاعتبار الذي جعل لكم بالنظر فيها.
قوله تعالى:
(والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون (11) والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والانعام ما تركبون (12) لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي