وقوله " وجعل لكم من الفلك " يعني السفن " والانعام ما تركبون " يعني الإبل والبقر وما جرى مجراهما من الدواب والحمير التي تصلح المركوب.
ثم بين انه خلق ذلك وغرضه (لتستووا على ظهوره) وإنما وحد الهاء في قوله " على ظهوره " لأنها راجعة إلى (ما) كما قال " مما في بطونه " (1) وفي موضع آخر (بطونها) ردها إلى الانعام، فذكر في (ما) وأنث في الانعام.
وقال الفراء: أضاف الظهور إلى الواحد، لان الواحد فيه بمعنى الجميع، فردت الظهور إلى المعنى. ولم يقل ظهره، فيكون كالواحد الذي معناه ولفظه واحد.
ومعنى الآية ان غرضه تعالى ان تنتفعوا بالاستواء على ظهورها " ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه " فتشكروه على تلك النعم وتقولوا معترفين بنعم الله ومنزهين له عن صفات المخلوقين " سبحان الذي سخر لنا هذا " يعني هذه الانعام والفلك " وما كنا له مقرنين " أي مطيقين، يقال: أنا لفلان مقرن أي مطيق أي انا قرن له، ويقال: أقرن يقرن إقرانا إذا أطاق وهو من المقارنة كأنه يطيق حمله في تصرفه. وقيل " مقرنين " أي مطيقين أي يقرن بعضا ببعض حتى يسيرها إلى حيث يشاء، وليقولوا أيضا " وإنا إلى ربنا لمنقلبون " أي راجعون إليه يوم القيامة.
فان قيل: قوله " ولتستووا على ظهوره " يفيد ان غرضه بخلق الانعام والفلك ان يستووا على ظهورها، وإنه يريد ذلك منهم. والاستواء على الفلك والانعام مباح، ولا يجوز ان يريده الله تعالى؟!
قيل: يجوز أن يكون المراد بقوله " لتستووا على ظهوره " في المسير إلى