المشركين " قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله " من الجهاد في سبيله " وصدق الله ورسوله " في ما أخبرا به، لان النبي صلى الله عليه وآله كان اخبرهم انه يتظاهر عليكم الأحزاب، ويقاتلونكم فلما رآهم المؤمنون تبينوا صدق قوله وكان ذلك معجزا له " وما زادهم " مشاهدة عدوهم " إلا إيمانا " وتصديقا بالله ورسوله " وتسليما " لامره. ثم بين ان " من المؤمنين رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه " من مجاهدة عدوه، وألا يولوا الادبار. وقيل: ذلك يوم تأخروا عن بدر، ثم عاهدوا ألا يفارقوا النبي صلى الله عليه وآله في غزواته. وقوله " فمنهم من قضى نحبه " أي منهم من صبر حتى قتل في سبيل الله، وخرج إلى ثواب ربه " ومنهم من ينتظر " ذلك " وما بدلوا تبديلا " أي لم يبدلوا الايمان بالنفاق ولا العهد بالحنث. وروي أن الآية نزلت في حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب عليه السلام فالذي قضى نحبه حمزة، وجعفر والذي ينتظر علي عليه السلام ثم بين تعالى انه يجزي الصادقين على صدقهم في تنزيله فوعهدهم بالثواب الدائم والنعيم المقيم. وقوله * (ويعذب المنافقين إن شاء) * لا يدل على أن ما يجب غفرانه من الكبائر عند التوبة يجوز تعليقه بالمشيئة، لان على مذهبنا إنما جاز ذلك، لأنه لا يجب اسقاط العقاب بالتوبة عقلا، وإنما جاز ذلك وعلمناه بالسمع وإن الله يتفضل بذلك. وقوله " أو يتوب عليهم " معناه إن شاء قبل توبتهم وأسقط عقابهم. إذا تابوا، وإن شاء لم يقبل ذلك. وذلك اخبار عن مقتضى العقل. وأما مع ورود السمع وهو قوله " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات " (1) فنقطع على أنه تعالى يغفر مع حصول التوبة.
(٣٢٩)