التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٢٥
الهرب، قال لنبيه صلى الله عليه وآله * (قل) * لهم * (لن ينفعكم الفرار إن فررتم) * يعني الهرب إن هربتم * (من الموت أو القتل) * فإنه لابد من واحد منهما، وإن هربتم وبقيتم بعده فلا تبقون * (ولا تتمتعون إلا قليلا) * من الزمان. ثم لابد من الموت. والفرار الذهاب عن الشئ خوفا منه، ومثله الهرب، فر يفر فرارا وأفتر إذا باعد بين شفتيه كتباعد الفار، وإنما فرق الله بين الموت والقتل لان القتل غير الموت، فالقتل نقض بينة الحي، والموت ضد الحياة عند من أثبته معنى، والقتل يقدر عليه غير الله، وإنما رفع بعد (اذن) لوقوع (اذن) بين الواو والفعل، فصارت بمنزلة ما لم يقع بعده الفعل، كقولك أنا آتيك اذن لأنه مما يجوز فيه الالغاء بأنه يصح الاستدراك، كالاستدراك بالظن، وقد اعملت بعد (ان) في قوله:
لا تتركني فيهم شطيرا * إني اذن أهلك أو اطيرا (1) ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله قل لهم يا محمد من الذي يمنعكم من الله ان أراد أن يفعل بكم سوءا يعني عذابا أو أراد بكم رحمة، فان أحدا لا يقدر على منعه مما يريد الله فعله به (ولا يجدون) هؤلاء * (لهم من دون الله وليا) * ينصرهم * (ولا نصيرا) * يدفع عنهم، ثم قال تعالى * (قد يعلم الله المعوقين منكم) * يعني الذين يعوقون غيرهم عن القتال ويثبطونهم عنه، فالتعويق التثبيط والشغل للقعود عن أمر من الأمور، فكأن هؤلاء يدعون اخوانهم من المنافقين إلى القعود عن الجباد ويشغلونهم لينصرفوا عنه * (والقائلين لاخوانهم هلموا الينا) * أي يعلم القائلين لهم تعالوا * (ولا يأتون البأس) * يعني الحرب * (إلا قليلا) * أي ان يكلفوا الحضور إلى القتال فلا يحضرون إلا قدر ما يوهمون أنهم معكم، ولا يقاتلون

(1) قائله نهشل بن حرى، اللسان (شطر)
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست