ومن مفارقته بالطلاق وتعجيل المنافع يأخذونها، وبين ذلك بقوله " وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار والآخرة، فان الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما " وقيد ذلك بالمحسنات لعلمه أن فيهن من ربما ارتكبت ما يستحق به الخروج عن ولاية الله تعويلا على ما وعد الله تعالى به من النعيم، فزجرهن بالتهديد المذكور في الآية.
وروي أن سبب نزول هذه الآية أن كل واحدة من نسائه طلبت شيئا فسألت أم سلمة سترا معلقا وسألت ميمونة حلة وسألت زينب بنت جحش بردا يمانيا وسألت أم حبيبة ثوبا سحوانيا وسألت حفصة ثوبا من ثياب مصر وسألت حويرية معجرا وسألت سودة قطيفة خيبرية، فلم يقدر على ذلك، لان الله تعالى كان خيره بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة فاختار الآخرة. وقال:
(اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني مسكينا في جملة المساكن) فحينئذ أمره الله تعالى بتخيير النساء، فاخترن الله ورسوله فعوضهن الله عن ذلك أن جعلهن أمهات المؤمنين. وقيل: وأمر الله أن لا يطلقهن ولا يتزوج عليهن بقوله " لا يحل لك النساء من بعد " (1) ذكره ابن زيد.
ثم خاطب نساء النبي صلى الله عليه وآله فقال " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة يضاعف لها العذاب " من شدد أراد التكثير، ومن أثبت الألف أراد من المضاعفة، ومن قرأ بالنون أضاف الفعل إلى الله، لان الفاعل لذلك هو الله وإنما جاز ان يضعف عقابهن بالمعصية لعظم قدرهن، وأن معصيتهن تقع على وجه يستحق بها ضعف ما يستحق غيرهن، كما أن طاعاتهن يستحق بها ضعف