التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣١٨
في الحكم من جهة عظم الحرمة، قال " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض " أي الا ما بين الله في كتابه مما لا يجوز لأزواج النبي صلى الله عليه وآله أن يدعين أمهات المؤمنين. وقال قتادة: كان الناس يتوارثون بالهجرة فلا يرث الاعرابي المسلم المهاجر حتى نزلت الآية. وقيل: إنهم كانوا يتوارثون بالمؤاخاة الأولى. ثم نسخ ذلك، فبين الله تعالى أن " أولى الأرحام بعضهم اولي ببعض " أي من كان قرباه أقرب فهو أحق بالميراث من الابعد، وظاهر ذلك يمنع أن يرث مع البنت والام أحد من الاخوة والأخوات، لان البنت والام أقرب من الاخوة والأخوات، وكذلك يمنع أن يرث مع الأخت أحد من العمومة والعمات وأولادهم، لأنها أقرب، والخبر المروي في هذا الباب أن (ما أبقت الفرائض فلأولي عصبة ذكر) خبر واحد مطعون على سنده، لا يترك لأجله ظاهر القرآن الذي بين فيه ان أولي الأرحام الأقرب منهم أولى من الابعد " في كتاب الله من المؤمنين " المؤاخين والمهاجرين.
وقوله " إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا " استثناء منقطع، ومعناه لكن إن فعلتم إلى أوليائكم معروفا من المؤمنين وحلفائكم ما يعرف حسنه وصوابه فهو حسن، ولا يكون على وجه نهى الله تعالى عنه، ولا أذن فيه. وقال مجاهد معروفا من الوصية لهم بشئ، والعقل عنهم والنصرة لهم، ولا يجوز أن يكونوا القرابة المشركين على ما قال بعضهم، لقوله " لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء " (1) وقد أجاز كثير من الفقهاء الوصية للقرابات الكفار. وعندنا ان ذلك جائز للوالدين والولد.
وقوله " كان ذلك في الكتاب مسطورا " يعني أن ما ذكره الله كان مكتوبا

(1) سورة 60 الممتحنة آية 1
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست