ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) * (25) خمس آيات.
قرأ عاصم " أسوة " - بضم الهمزة - الباقون بكسرها، وهما لغتان. والكسر أكثر. ومثله (كسوة، وكسوة، ورشوة ورشوة) هذا خطاب من الله تعالى للمكلفين، يقول لهم: ان لكم معاشر المكلفين " في رسول الله أسوة حسنة " أي اقتداء حسن، في جميع ما يقوله ويفعله متى فعلتم مثله كان ذلك حسنا، والمراد بذلك الحث على الجهاد والصبر عليه في حروبه، والتسلية لهم في ما ينالهم من المصائب، فان النبي صلى الله عليه وآله شج رأسه وكسرت رباعيته في يوم أحد وقتل عمه حمزة. فالتأسي به في الصبر على جميع ذلك من الأسوة الحسنة. وذلك يدل على أن الاقتداء بجميع افعال النبي صلى الله عليه وآله حسن جائز إلا ما قام الدليل على خلافه، ولا يدل على وجوب الاقتداء به في افعاله.
وإنما يعلم ذلك بدليل آخر. فالأسوة حال لصاحبها يقتدي بها غيره في ما يقول به، فالأسوة تكون في إنسان وهي أسوة لغيره، فمن تأسى بالحسن ففعله حسن " لمن كان يرجو الله " فالرجاء توقع الخير، فرجاء الله توقع الخير من قبله ومثل الرجاء الطمع والأمل، ومتى طمع الانسان في الخير من قبل الله، فيكون راجيا له.
وقوله " وذكر الله كثيرا " معناه يذكره تعالى بجميع صفاته، ويدعوه بها فيستحق بذلك الثواب من جهته.
ثم قال وقد عاد تعالى إلى ذكر المؤمنين وانهم حين عاينوا الأحزاب التي اجتمعت على قتال النبي صلى الله عليه وآله وتظافروا عليه، وهم أبو سفيان ومن معه من