التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٣٠
وقوله " إن الله كان غفورا رحيما " يؤكد ذلك لأنه إنما يكون فيه مدح إذا غفر ماله المؤاخذة به، ويرحم من يستحق العقاب. وأما من يجب غفران ذنبه ويجب رحمته، فلا مدح في ذلك. وقال قوم: معناه " ويعذب المنافقين إن شاء " بعذاب عاجل في الدنيا أو يتوبوا، قالوا: وإنما علق بالشرط في قوله " إن شاء أو يتوب عليهم " لأنه علم أن من المنافقين من يتوب، فقيد الكلام ليصح - المعنى - ذكره الجبائي - وقيل: إن الذي وعد الله المؤمنين في الأحزاب هو أنه وعدهم إذا لقوا المشركين ظفروا بهم واستعلوا عليهم في نحو قوله " ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " (1) مع فرض الجهاد. وقيل: إن الذي وعدهم الله به في قوله " أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا ان نصر الله قريب " (2) - ذكره قتادة - و (النحب) النذر أي قضى نذره الذي كان نذره في ما عاهد الله عليه. وقال مجاهد: قضى نحبه أي عهده. وقيل: ان المؤمنين كانوا نذروا إذا لقوا حزبا مع رسول الله أن يثبتوا ولا ينهزموا، وقال الحسن: قضى نحبه أي مات على ما عاهد عليه، والنحب الموت كقول ذي الرمة:
قضى نحبه في ملتقى الخيل هوبر (3) أي منيته. وهو بر اسم رجل والنحب الخطر العظيم قال جرير:
بطخفة جالدنا الملوك وخيلنا * عشية بسطام جرين على نحب (4)

(١) سورة ٩ التوبة آية ٣٤ وسورة ٦١ الصف آية ٩ (٢) سورة ٢ البقرة آية ٢١٤ (٣) مجاز القرآن ٢ / ١٣٦ الشاهد (٧١٨) (٤) ديوانه ٥٤ ومجاز القرآن 2 / 135
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست