التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٦١
وجاز الاضمار قبل الذكر، لأنه معلوم قال لبيد:
حتى إذا القت يدا في كافر * وأجن عورات الثغور ظلامها (1) وقال أبو مسلم محمد بن بحر وغيره: وذكر الرماني أن الكناية عن الخيل وتقديره حتى توارت الخيل بالحجاب بمعنى أنها شغلت فكره إلى تلك الحال.
ثم قال لأصحابه * (ردوها علي) * يعني الخيل فلما ردت عليه * (طفق مسحا بالسوق والأعناق) * وقيل: ان الخيل هذه حربها من غنيمة جيش فتشاغل باعتراضها حتى غابت الشمس وفاتته العصر، قال الحسن: كشف عراقيبها وضرب أعناقها، وقال لا تشغلني عن عبادة ربي مرة أخرى. وقيل:
انه إنما فعل ذلك على وجه القربة إلى الله تعالى بأن ذبحها ليتصدق بلحومها لا لعقوبتها بذلك. وإنما فعل ذلك لأنها كانت أعز ماله فأراد بذلك ما قال الله تعالى * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * (2) وقال أبو عبيدة:
يقولون: مسح علاوته أي ضربها. وقال ابن عباس: جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حبا لها. وقال أبو مسلم محمد بن بحر: غسل أعرافها وعراقيبها إكراما لها، قال: لان المسح يعبر به عن الغسل من قولهم: تمسحت للصلاة.
ثم قال تعالى على وجه القسم * (ولقد فتنا سليمان) * ومعناه اختبرناه وابتليناه وشددنا المحنة عليه * (وألقينا على كرسيه جسدا) * قال ابن عباس:
القي شيطانا اسمه صخر على كرسيه. وقال مجاهد: كان اسمه أصف. وقال السدي: كان اسمه خنفيق وكان ملكه في خاتمه يخدمه الجن والشياطين ما دام في يده، فلما أذنب سليمان نزع الله منه الخاتم، وجعل مع الجني فاجتمعت

(1) اللسان (كفر) (2) سورة 3 آل عمران آية 92
(٥٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 566 ... » »»
الفهرست