المتقين كالفجار (28) كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب) * (29) أربع آيات.
قرأ يحيى عن أبي بكر " لتدبروا " بالتاء وتقديره لتتدبروا من التدبر فحذف تاء الفعل وبقي تاء المضارعة، وتقديره: لتتدبر أنت يا محمد والمسلمون ومن قرأ بالياء، فعلى ليتدبر المسلمون فيتقرر عندهم صحتها وتسكن أنفسهم إلى العلم بها.
لما اخبر الله تعالى عن داود انه رجع إليه وتاب واستغفر ربه عن التقصير الذي وقع منه في الحكم، وانه تعالى غفر له ذلك وأجاب دعوته، ووعده بالزلفى عنده والقربة من ثوابه ناداه أيضا فقال له " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض " والخليفة هو المدبر للأمور من قبل غيره بدلا من تدبيره، فداود لما جعل الله إليه تدبير الخلق فكان بذلك خليفة، ولذلك يقال: فلان خليفة الله في أرضه إذا جعل إليه تدبير عباده بأمره. وقيل:
معناه جعلناك خليفة لمن كان قبلك من رسلنا. ثم أمره فقال " فاحكم بين الناس " ومعناه افصل بين المختلفين من الناس والمتنازعين " بالحق " بوضع الأشياء مواضعها على ما أمرك الله " ولا تتبع الهوى " أي ما يميل طبعك إليه ويدعوك هواك إليه إذا كان مخالفا للحق، فلا تمل إليه " فيضلك عن سبيل الله " ومعناه انك متى اتبعت الهوى في ذلك عدل بك الهوى عن سبيل الله الذي هو سبيل الحق.
ثم اخبر تعالى " ان الذين يضلون عن سبيل الله " يعنى يعدلون عن العمل بما أمرهم الله به " لهم عذاب شديد " يعني شديد ألمه " بما نسوا يوم الحساب "