التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٦٤
لغيره كان لطفا له في الدين، وأعلمه أن غيره لو سأل ذلك لم يجب إليه، لأنه يكون مفسدة لغيره ولا صلاح له فيه، ولو أن أحدنا صرح بمسألة بهذا الشرط بأن يقول: اللهم اجعلني أيسر أهل زماني وارزقني مالا يساويني فيه أحد إذا كانت المصلحة لي في ذلك لكان هذا جائزا حسنا، ولم يكن منسوبا إلى بخل، فلا يمتنع أن يسأل النبي أيضا مثل ذلك.
وقيل: انه لا يمتنع أن يسأل النبي مثل هذه المسألة من غير إذن إذا لم يكن بمحضر من قومه بعد أن يكون الشرط فيه مقدرا.
وقيل فيه وجه أخر، وهو انه عليه السلام إنما سأل أن يكون ملكه معجزة لنبوته يبين بها من غيره ممن ليس بنبي. وقوله * (لا ينبغي لاحد من بعدي) * معناه لا ينبغي لاحد غيري ممن أنا مبعوث إليه، ولم يرد من بعدي إلى يوم القيامة من النبيين.
وقيل: انه لا يمتنع أن يكون المراد انه سأل ملك الآخرة وثواب الجنة الذي لا يناله المستحق إلا بعد انقطاع التكليف. ومعنى * (لا ينبغي لاحد من بعدي) * لا يستحقه بعد وصولي إليه أحد من حيث لا يصح أن يعمل ما يستحق به الثواب لانقطاع التكليف.
ثم بين بعد ذلك أنه أعطاه ما سأله فقال * (فسخرنا له الريح) * أي ذللناها له، والتسخير التذليل * (تجري بأمره) * يعني الريح تتوجه إلى حيث شاء * (رخاء) * قال قتادة معناه طيبة سريعة، وقال ابن زيد: لينة. وقال ابن عباس: مطيعة، وبه قال الضحاك والسدي والرخاء الريح: اللينة وهو رخاوة المرور سهولته ووصفت باللين، لأنها إذا عصفت لم يتمكن منها، وإذا لانت أمكنت.
(٥٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 569 ... » »»
الفهرست