التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٦٣
ومنها - انه روي أن الجن لما ولد لسليمان ولد قالوا: لنلقين منه ما لقينا من سليمان، فلما ولد له ولد أشفق منهم، فاسترضعه في المزن، فلم يشعر إلا وقد وضع على كرسيه ميتا تنبيها على أن الحذر لا ينفع مع القدر.
ومنها - انه ذكر انه ولد لسليمان ولد ابتلاه بصبره في إماتة ولده على كرسيه. وقيل: انه أماته في حجره، وهو على كرسيه، فوضعه من حجره.
ومنها - ما ذكره أبو مسلم فإنه قال: يجوز أن يكون الجسد جسد سليمان وأن يكون ذلك لمرض امتحنه الله به، وتقديره وألقينا منه على كرسيه جسدا لشدة المرض، كما يقولون: فلان لحم على وضم إذا كان ضعيفا، وجسد بلا روح تغليظا للعلة، وقوة الضعف.
ثم حكى ما قاله سليمان حين أناب إلى الله، فإنه سأل الله تعالى وقال * (رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي) * أي لا تسلبنه كما سلبته في الدفعة الأولى، وقال أبو عبيدة معنى (لا ينبغي) لا يكون، وانشد لابن احمر:
ما أم غفر على دعجاء ذي علق * تنفي القراميد عنها الأعصم الوقل في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة * لا ينبغي دونها سهل ولا جبل (1) وقال أبو عبيدة: أي لا يكون فوقها سهل ولا جبل أحصن منها.
فان قيل: أليس ظاهر هذه الآية يقتضي الشح والضن لأنه لم يرض بأن سأل الملك، حتى أضاف إلى ذلك ألا يكون لاحد بعده مثله؟! قلنا قد ثبت أن الأنبياء لا يجوز أن يسألوا بحضرة قومهم ما لم يأذن الله لهم في ذلك، فعلى هذا لم لا يجوز أن يكون الله تعالى أعلم سليمان أنه إن سأل ملكا لا يكون

(1) مر في 7 / 153
(٥٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 558 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 ... » »»
الفهرست