من لا يجوز عليهم شيئا من المعاصي أصلا لا صغيرة ولا كبيرة يقول: معنى الآية إن الله تعالى أورث علم الكتاب الذي هو القرآن الذين اصطفاهم واجتباهم واختارهم على جميع الخلق من الأنبياء المعصومين، والأئمة المنتجبين الذين لا يجوز عليهم الخطا ولا فعل القبيح لا صغيرا ولا كبيرا، ويكون قوله * (فمنهم ظالم لنفسه) * راجعا إلي * (عباده) * وتقديره فمن عبادنا ظالم لنفسه، ومن عبادنا مقتصد، ومن عبادنا سابق بالخيرات، لان من اصطفاه الله لا يكون ظالما لنفسه، فلا يجوز أن ترجع الكناية إلى الذين اصطفينا وقوله " بالخيرات " يعني يعلم من اقتصد أو ظلم نفسه أو سبق بالخيرات.
ثم قال * (ذلك هو الفضل الكبير) * يعني السبق بالخيرات هو الفضل العظيم الذي لا شئ فوقه. وقال ابن عباس: الذين أورثهم الله الكتاب هم أمة محمد، ورثهم الله كل كتاب أنزله، فظالمهم يغفر له، ومقتصدهم يحاسبهم حسابا يسيرا وسابقهم يدخلون الجنة بغير حساب. وقال ابن مسعود - بذلك - وكعب الأحبار. وقال الثلاث فرق - المذكورة في هذه الآية كلهم في الجنة. وقال عكرمة عن ابن عباس: إن المصطفين من هذه الأمة الأنبياء، والظالم لنفسه هو المنافق والمقتصد والسابق بالخيرات في الجنة. والمنافق في النار. وقال الحسن ومجاهد: السابق بالخيرات من جميع الناس، والظالم لنفسه أصحاب المشئمة، والمقتصد أصحاب الميمنة من الناس كلهم. وهذا مثل ما قلناه من أن الكناية راجعة إلى العباد دون المصطفين، وقال البلخي: الاصطفاء - ههنا - التكليف دون الثواب، فعلى هذا يجوز أن ترجع الكناية إلى المصطفين.
ثم قال " جنات عدن " فرفع جنات على تفسير الفوز، كأنه قيل: ما ذلك الفوز؟ فقال هي جنات أي جزاء جنات أو دخول جنات، ويجوز أن يكون