التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٢٥
لما قال الله تعالى لنبيه إن أنت إلا نذير، ومعناه لست إلا مخوفا من عقاب الله ومعاصيه قال له " انا أرسلناك " يا محمد " بالحق " أي بالدين الصحيح " بشيرا " أي مبشرا بالجنة وثواب الله لمن أطاعه " ونذيرا " أي مخوفا من عقابه لمن عصاه " وإن من أمة " أي ليس من أمة في ما مضى إلا مضى فيها مخوف من معاصي الله. وقال قوم: المعنى " إلا خلا فيها نذير " منهم وقال آخرون: نذير من غيرهم، وهو رسول إليهم، كما أرسل نبينا صلى الله عليه وآله إلى العرب والعجم. وقال الجبائي: في ذلك دلالة على أنه لا أحد من المكلفين إلا وقد بعث الله إليهم رسولا، وأنه أقام الحجة على جميع الأمم.
ثم قال على وجه التسلية له والتعزية عن تكذيب قومه إياه " فان كذبوك " يا محمد ولم يصدقوك في انك نبي من قبل الله " فقد كذب الذين من قبلهم " من الكفار أنبياء أرسلوا إليهم " جاءتهم رسلهم " من الله " بالبينات " أي الحجج الواضحات " وبالزبر " يعني بالكتب " وبالكتاب المنير " الموضح بمنزلة ما فيه من نور يستضاء به. والزبر هي الكتب، وإنما كرر ذكر الكتاب، وعطف عليه، لاختلاف الصنفين، لان الزبر الكتابة الثابتة كالنقر في الحجر، ثم بين تعالى ان الكفار لما كذبوا رسل الله الذين جاؤهم بالبينات ولم يعترفوا بنبوتهم انه اخذهم بالعذاب وبالعقوبة العاجلة وأهلكهم ودمر عليهم.
قوله تعالى:
* (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»
الفهرست