الله سبحانه وتعالى يختلف مقداره بحسب ما يعلم من مصالح خلقه، كما يختلف الغنى والفقر، والقوة والضعف، والمعنى: وليس يطول عمر أحد ولا ينقص من عمره بأن يذهب بعضه بمضي الليل والنهار إلا وذلك في الكتاب المحفوظ أثبته الله تعالى قبل كونه. وقال الحسن والضحاك وابن زيد: معنى " ولا ينقص من عمره " أي من عمر معمر آخر، وقال أبو مالك: معناه ولا ينقص من عمره ينقضي ما ينقضي منه. وقال الفراء: هو كقولك: عندي درهم ونصفه أي ومثل نصف الدرهم من غيره.
ثم قال * (إن ذلك على الله يسير) * يعني تعمير من يعمره ونقصان من ينقصه وإثبات ذلك في الكتاب سهل على الله غير متعذر.
ثم قال تعالى * (وما يستوي البحران) * أي لا يستويان لان * (هذا عذب فرات سائغ شرابه) * اي مرئ شهي * (وهذا) * الآخر * (ملح أجاج) * فالفرات أعذب العذب والأجاج أشد المر. والأجاج مشتق من أججت النار كأنه يحرق من مرارته. و * (اللؤلؤ والمرجان) * (1) يخرج من الملح دون العذب. وقيل:
في الملح عيون عذبة، وفي ما بينهما يخرج اللؤلؤ.
ثم قال * (ومن كل) * يعني من البحرين العذب والأجاج * (تأكلون لحما طريا) * يعني سمكا * (وتستخرجون حلية تلبسونها) * من اللؤلؤ والمرجان * (وترى الفلك) * يعني السفن * (فيه مواخر) * اي تشق الماء في جريانها شقا. وقيل: معناه إنها تذهب وتجئ، بلغة قريش وهذيل. وقال الحسن: يعني مواقير كقوله * (الفلك المشحون) * (2) * (لتبتغوا من فضله) * معناه إنه تعالى خلق ذلك لخلقه