التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٣١
بدلا من الفوز، كأنه قال ذلك جنات أي دخول جنات، والجنات هي البساتين التي يجنها الشجر، والعدن الإقامة " يدخلونها " يعني من تقدم ذكره من الذين سبقوا بالخيرات والمقتصدين " يحلون فيها " بمعنى يلبسون فيها الحلي " من أساور من ذهب " وأساور جمع أسوار، ومن قال سوار جمعه على أسورة " من ذهب ولؤلؤ " فيمن جر، ومن نصب " لؤلؤا " وهو نافع وعاصم فعلى تقدير ويحلون فيها لؤلؤا " ولباسهم فيها حرير " معناه إن ما يلبسه أهل الجنة من اللباس إبريسم محض.
ثم اخبر تعالى عن حال من يدخل الجنة أنهم إذا دخلوها " قالوا الحمد لله " أي اعترافا بنعمة الله وشكرا له على نعمه، وهو الاعتراف منهم على وجه الالجاء، لهم في ذلك سرور لا على وجه التكليف " الذي أذهب عنا الحزن " ومعناه أذهب الغم عنا بخلاف ما كنا عليه في دار الدنيا، وقيل: الحزن الذي أصابهم قبل دخول الجنة، فإنهم يخافون من دخول النار إذا كانوا مستحقين لها، فإذا تفضل الله عليهم بأن يسقط عقابهم ويدخلهم الجنة حمدوا الله على ذلك.
وقيل: ما كان ينالهم في دار الدنيا من أنواع الأحزان والاهتمام بأمر المعاش والخوف من الموت وغير ذلك " إن ربنا لغفور شكور " لذنوب عباده إذا تابوا مجاز لهم على شكرهم لنعمه. وقيل: إن مكافاته لهم على الشكر لنعمه والقيام بطاعاته جرى مجرى أن يشكره لهم وإن كان حقيقة لا يجوز عليه تعالى.
من حيث كان اعترافا بالنعمة، ولا يصح عليه تعالى أن يكون منعما عليه، ثم وصفوا الله تعالى بأن قالوا " الذي أحلنا " أي أنزلنا دار المقامة يعني دار الإقامة وإذا فتحت الميم كان المراد موضع القيام قال الشاعر:
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»
الفهرست