التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٣٤
يتصايحون بالاستغاثة، فالاصطراخ الصياح والنداء بالاستغاثة، وهو افتعال من الصراخ قلبت التاء طاء لأجل الصاد الساكنة قبلها، وإنما فعل ذلك لتعديل الحروف بحرف وسط بين حرفين يوافق الصاد بالاستعلاء والاطباق ويوافق التاء بالمخرج. ويقولون " ربنا أخرجنا " من عذاب النار " نعمل صالحا " يعني نعمل بالطاعات والاعمال الصالحات التي أمرنا بها " غير الذي كنا نعمل " من المعاصي، فيقول الله لهم - في جوابه تبكيتا لهم وإنكارا عليهم " أو لم نعمركم " في دار الدنيا. وقال ابن عباس، ومسروق: العمر الذي ذكره الله أربعون سنة، وفي رواية أخرى ستون سنة، وهو قول علي عليه السلام " ما يتذكر فيه من تذكر " أي عمرناكم مقدار ما يمكن أن يتذكر ويعتبر وينظر ويفكر من يريد أن يتفكر ويتذكر " وجاءكم النذير " يعني المخوف من معاصي الله، قال ابن زيد: يعني به محمدا صلى الله عليه وآله وقال غيره: أراد الشيب. وقيل: الحمى " فذوقوا " معاشر الكفار عقاب كفركم ومعاصيكم " فما للظالمين من نصير " اي ليس لمن ظلم - وبخس نفسه حقها بارتكاب المعاصي - ناصر يدفع عنه العذاب.
ثم اخبر تعالى بأنه " عالم غيب السماوات والأرض " لا يخفى عليه شئ مما غاب عن جميع الخلائق علمه " إنه عليم بذات الصدور " ومعناه اتقوا واحذروا أن تضمروا في أنفسكم ما يكرهه الله تعالى، فإنه عليم بما في الصدور لا يخفى عليه شئ منها.
وقوله " هو الذي جعلكم خلائف في الأرض " معناه جعلكم معاشر الكفار أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن. وهو قول قتادة " فمن كفر " أي جحد وحدانيته وأنكر نبوة نبيه صلى الله عليه وآله " فعليه " عقاب " كفره " دون غيره " ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا " أي لا يزيدهم كفرهم بالله عند الله
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»
الفهرست