الوجه، ثم بين بالافصاح أنها سود، قال امرؤ القيس:
كأن سراته وجدة متنه * كنائن يحرى فوقهن دليص (1) يعني بالجدة الخطة السوداء تكون في متن الحمار، والكنائن جمع كنانه، والدليص الذي يبرق من الذهب والفضة وما أشبهها، فالجدد هي ألوان الطريق.
ثم قال * (ومن الناس) * أيضا * (ومن الدواب) * التي تدب على وجه الأرض * (والانعام) * كالإبل والبقر والغنم * (مختلف ألوانه) * أيضا مثل ذلك مما في الجبال والثمار * (كذلك) * أي مثل ما قدمنا ذكره.
ثم قال * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * ومعناه ليس يخاف الله حق خوفه ولا يحذر معاصيه خوفا من عقابه إلا العلماء الذين يعرفون حقيقة ذلك فأما الجهال ومن لا يعرف الله فلا يخافونه مثل ذلك، وكذلك ينظر العلماء في حجج الله وبيناته ويفكرون في ما يفضي بهم إلى معرفته من جميع ما تقدم ذكره ثم اخبر تعالى فقال * (إن الله عزيز) * في انتقامه من أعدائه * (غفور) * لأوليائه والتائبين من خلقه الراجعين إلى طاعته.
ثم قال * (إن الذين يتلون كتاب الله) * يعني يقرؤن القرآن ويعملون بما فيه * (وأقاموا الصلاة وانفقوا) * في طاعة الله * (مما رزقناهم) * أي مما رزقهم الله وملكهم التصرف فيه * (سرا وعلانية) * أي في حال سرهم، وفي حال علانيتهم * (يرجون) * في موضع الحال أي راجين بذلك * (تجارة لن تبور) * أي لا تكسد. وقيل: لا تفسد، يقال بارت السوق إذا كسدت وبار الطعام، وبار الشئ إذا فسد، قال الشاعر: