قرأ أبو عمرو * (يدخلونها) * بضم الياء على ما لم يسم فاعله ليشاكل قوله تعالى * (يحلون) *. الباقون بفتح الياء، لأنهم إذا أدخلوها فقد دخلوها، والمعنيان متقاربان.
يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله * (والذي أوحينا إليك) * يا محمد وأنزلناه عليك * (من الكتاب) * يعني القرآن * (هو الحق) * معناه هو الصحيح الذي معتقده على ما هو به. وضده الباطل، وهو ما كان معتقده لا على ما هو به.
والعقل يدعو إلى الحق ويصرف عن الباطل، وقوله * (مصدقا لما بين يديه) * معناه مصدقا لما قبله من الكتب بأنه جاء موافقا لما بشرت به تلك الكتب من حاله وحال من أتى به. ثم قال * (إن الله) * تعالى بعباده * (لخبير) * أي عالم بهم * (بصير) * بأحوالهم لا يخفى عليه شئ منها فيجازيهم على استعمال الحق بالثواب وعلى استعمال الباطل بالنار. ثم قال * (ثم أورثنا الكتاب) * يعني القرآن أورثناه من اصطفيناه من عبادنا. ومعنى الإرث انتهاء الحكم إليه ومصيره لهم، كما قال تعالى * (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) * (1) وقيل المراد أورثناهم الايمان بالكتب السالفة وكان الميراث انتقال الشئ من قوم إلى قوم.
والأول أصح. والاصطفاء الاختيار باخراج الصفوة من العباد، فاصطفى الله المؤمن يحمل على ثلاث طبقات مؤمن ظالم لنفسه بفعل الصغيرة، ومقتصد بالطاعات في المرتبة الوسطى، وسابق بالخيرات في الدرجة العليا، وهم الذين لم يرتكبوا شيئا من المعاصي، وكل وعد الله الحسنى، والذين اصطفاهم الله وأورثهم الكتاب قيل: هم الأنبياء فمنهم ظالم لنفسه يعني أصحاب الصغائر. وقيل: هم أصحاب النار، هذا من قول من أجاز على الأنبياء الصغائر دون الكبائر، فأما