التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤١
قرأ يعقوب * (واتباعك) * على الجمع. الباقون * (واتبعك) * على الفعل الماضي قال الزجاج: من قرأ على الجمع فقراءته جيدة، لان الواو (واو) الحال، وأكثر ما يدخل على الأسماء. تقول جئتك وأصحابك بنو فلان، وقد يقولون:
وصحبك بنو فلان، وأكثر ما يستعملونه مع (قد) في الفعل، حكى الله تعالى عن قوم نوح أنهم قالوا لنوح حين دعاهم إلى الله وخوفهم من معصيته: أنصدقك فيما تدعونا إليه وقد اتبعك الأرذلون؟! يعني السفلة وأوضاع الناس. والرذل الوضيع، ونقيض الرذيلة الفضيلة وجمعه الرذائل.
وقيل: انهم نسبوهم إلى صناعات دنيئة، كالحياكة والحجامة. وانهم مع ذلك أهل نفاق ورذالة، فأنفوا من اتباعه لما اتبعوه هؤلاء، ولم يجز من نوح أن يقبل قول هؤلاء فيهم، لأنهم كفار يعادونهم، فلا تقبل شهادتهم. ويجوز أيضا ان يكونوا لما آمنوا تابوا من قبيح ما عملوا، لان الايمان يجب الخطايا، ويوجب الاقلاع عنها. ولم يجز استصلاح هؤلاء باقصاء من آمن، كما لا يجوز استصلاحهم بفعل الظلم، لان في ذلك اذلالا للمؤمنين، وذلك ظلم لهم، لا يجوز أن يفعل بأهل الايمان، لأنه قبيح.
ومن قرأ - على الجمع - أراد ان الذين اتبعوك هم الأرذلون.
ومن قرأ على الفعل أراد: تبعك من هذه صفته.
فقال لهم نوح (ع): لم أطردهم " وما علمي بما كانوا يعملون " فيما مضى، لأني ما كلفت ذلك، وإنما أمرت بأن ادعوهم إلى الله، وقد أجابوني إليه، وليس حسابهم الا على ربي الذي خلقني وخلقهم لو علمتم ذلك وشعرتموه، وليس أنا بطارد المؤمنين، لأني لست الا نذيرا مخوفا من معصية الله مبين لطاعته،
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست