التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٥٢
الجبل ناقة عشراء فاخرجها الله حاملا كما سألوا، ووضعت بعد فصيلا، وكانت عظيمة الخلق جدا. ثم قال لهم صالح " ولا تمسوها " يعني الناقة " بسوء " أي بضر تشعر به، فالسوء هو الضرر الذي يشعر به صاحبه، لأنه يسوء وقوعه، فإذا ضره من حيث لا يشعر به لم يكن قد ساءه، لكنه عرضه لما يسوؤه.
وقوله " فيأخذكم عذاب يوم عظيم " معناه إنكم إن مسستم هذه بسوء أخذكم عذاب يوم عظيم، أي الصيحة التي أخذتهم.
ثم اخبر فقال " فعقروها " أي انهم خالفوه وعقروا الناقة. فالعقر قطع الشئ من بدن الحي، فإذا كثر انتفت معه الحياة، وإن قل لم تنتف.
والمراد - ههنا - انهم نحروها. وقيل: انهم عقروها، لأنها كانت تضيق المرعى على مواشيهم. وقيل: كانت تضيق الماء عليهم، ولما عقروها رأوا آثار العذاب فيه جدا، ولم يتوبوا من كفرهم، وطلبوا صالحا ليقتلوه، فنجاه الله ومن معه من المؤمنين. ثم جاءتهم الصيحة بالعذاب، فوقع لجميعهم الاهلاك، ولو كانوا ندموا على الحقيقة، واقلعوا عن الكفر، لما أهلكهم الله.
ثم قال تعالى إن فيما أخبرنا به وفعلناه بقوم صالح من إهلاكهم، لدلالة واضحة لمن اعتبر بها، لكن أكثرهم لا يؤمنون " وإن ربك " يا محمد " لهو العزيز " أي العزيز في انتقامه " الرحيم " بمن آمن من خلقه به.
قوله تعالى:
* (كذبت قوم لوط المرسلين (160) إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون (161) إني لكم رسول أمين (162) فاتقوا الله
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست