التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٣
وأصحابه أغرق الباقين من الكفار بعد ذلك، وأهلكهم.
ثم قال تعالى: إن فيما أخبرنا به من قصة نوح وإهلاك قومه لآية واضحة على توحيد الله، وإن كان أكثرهم لا يؤمنون، ولا يعتبرون به. وقيل: إن قوله * (ان في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين) * في عدة مواضع ليس بتكرير وإنما هو ذكر آية في قصة نوح، وما كان من شأنه مع قومه بعد ذكر آية فيما كان من قصة إبراهيم وقومه، وذكر قصة موسى وفرعون فيما مضى، فبين أنه إنما ذكر ذلك لما فيه من الآية الباهرة، وكرر * (وإن ربك لهو العزيز الرحيم) * لان المعنى انه * (العزيز) * في الانتقام من فرعون وقومه * (الرحيم) * في نجاة موسى ومن معه من بني إسرائيل، وذكر - ههنا - * (العزيز) * في إهلاك قوم نوح بالغرق الذي طبق الأرض * (الرحيم) * في إنجائه نوحا ومن معه في الفلك.
والعزيز القادر الذي تتعذر مما نعته لعظم مقدوراته، فصفة (عزيز) وإن رجعت إلى معنى قادر، فمن هذا الوجه ترجع، ولا يوصف بالعزيز مطلقا الا الله، لأنها تفيد معنى قادر، ولا يقدر أحد على ممانعته. والله تعالى قادر أن يمنع كل قادر سواه. ومعنى وصفه بأنه عزيز مبالغة من ثلاثة أوجه: أحدها - لأنه بزنة (فعيل). والثاني - انه لا يوصف به مطلقا سواه. والثالث - لما فيه من التعريف بالألف والام.
قوله تعالى:
* (كذبت عاد المرسلين (123) إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون (124) إني لكم رسول أمين (125) فاتقوا الله
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست