وقال أيضا " وأخي هارون هو افصح مني لسانا " لان موسى كان في لسانه عقدة ولم يكن كذلك هارون، وسأل الله تعالى أن يرسل هارون معه " ردءا " أي عونا، والردء العون الذي يدفع السوء عن صاحبه، ومنه ردء الشئ يردأه رداءا فهو ردئ، فالرد المعين في دفع الردا عن صاحبه. ويقال: ردأته اردأه ردءا إذا أعنته. واردأته أيضا لغتان. وقوله " يصدقني " من جزمه جعله جوابا للامر، ومن رفعه جعله صفة للنكرة، وتقديره ردءا مصدقا " إني أخاف أن يكذبون " في ادعاء النبوة والرسالة، وقيل: ان موسى ما سأل ذلك إلا بإذن الله ، لأنه لا يجوز ان يسأل نبي أن يرسل معه إنسانا آخر نبيا، وهو لا يعلم أنه يصلح لذلك، فلا يجاب إليه، فان ذلك ينفر عنه. فقال الله تعالى " سنشد عضدك بأخيك " أي سنقويك به بأن نقرنه إليك في الرسالة لنقوي بعضكما ببعض.
" ونجعل لكما سلطانا " يعني حجة وقوة، وهي التي كانت لهما بالعصا. والسلطان القوة التي يدفع بها على الامر. والسلطان الحجة الظاهرة، وتقديره ونجعل لكما سلطانا ثابتا " فلا يصلون اليكما " فيه تقديم وتأخير.
ثم قال تعالى " فلا يصلون اليكما " يعني فرعون، وقومه لا يتمكنون من قتلكما، ولا أذاكما، ثم قال " بآياتنا " أي بحججنا وبراهيننا " أنتما ومن اتبعكما " من بني إسرائيل وغيرهم " الغالبون " لفرعون، فعلى هذا يكون " أنتما " مبتدءا، " ومن اتبعكما " عطفا عليه " والغالبون " خبره " وبآياتنا " متعلق بقوله " الغالبون ". وعلى الوجه الآخر يكون " بآياتنا " متعلقا بقوله " ويجعل لكما سلطانا.... بآياتنا " قال الزجاج: يجوز أن يكون " بآياتنا " متعلقا بقوله " فلا يصلون اليكما " بآياتنا وحججنا، وكل ذلك محتمل.