التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٠٩
يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين (64) قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون) * (65) خمس آيات بلا خلاف.
قرأ أهل البصرة وعاصم " عما يشركون " بالياء. الباقون بالتاء. وقرأ أبو عمرو وهشام وروح " قليلا ما يذكرون " بالياء. الباقون بالتاء. من قرأ بالياء في الموضعين جعله للمخاطبين ومن قرأ بالتاء فإلى الغائبين.
يقول الله تعالى منبها على مواقع نعمه على خلقه، ممتنا بها عليهم بأن قال " أمن " الذي " جعل الأرض قرارا " بأن أسكنها للاستقرار عليها، وامكان التصرف عليها، فمن جعلها كذلك لمصالح عباده بها على ما يحتاجون إليه منها عالم حكيم، وهو أولى بالعبادة من الأصنام " وجعل خلالها أنهارا " يعني خلال الأرض وهي المسالك في نواحيها " أنهارا " جمع نهر وهي المجرى الواسع من مجاري الماء، واصله الاتساع، فمنه النهار لاتساع ضيائه، ومنه انهار الدم إذا جرى، كالنهر " وجعل لها رواسي " يعني الجبال الثابتة، رست ترسو رسوا إذا ثبتت فلم تبرح من مكانها كالسفينة وغيرها، ومنه المراسي.
وقوله " وجعل بين البحرين حاجزا " فالحاجز هو المانع بين الشيئين، أن يختلط أحدهما بالآخر، وقد يكون ذلك بكف كل واحد منهما عن صاحبه. وفى ذلك دلالة على امكان كف النار عن الحطب، حتى لا تحرقه ولا تسخنه كما كف الماء المالح عن الاختلاط بالعذب. ثم قال " أإله مع الله " يقدر على ذلك،
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست