التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٠٧
ذلك الهلاك واستثنى من جملة أهله امرأته، واخبر انه " قدرناها من الغابرين " أي جعلها من الغابرين لان جرمها على مقدار جرمهم، فلما كان تقديرها كتقديرهم في الاشراك بالله جرت مجراهم في انزال العذاب بهم. وقيل:
" قدرناها " أي بما كتبنا إنها من الغابرين، وأخبر تعالى انه أمطر عليهم مطرا. قال الحسن: أمطرت الحجارة على من خرج من المدينة، وخسف المدينة باهلها، فهم يهوون إلى يوم القيامة " فساء مطر المنذرين " وهم الذين أبلغهم لوط النذارة، وأعلمهم بموضع المخافة ليتقوها، فخالفوا ذلك. ونقيض النذارة البشارة، وهي الاعلام بموضع الامن ليجتبى، والنذير البشير ينذر بالنار ويبشر بالجنة.
ثم قال لنبيه محمد صلى الله عليه وآله قل يا محمد " الحمد لله " شكرا على نعمه بأن وفقنا للايمان " وسلام على عباده الذين اصطفى " يعني اجتباهم، الله واختارهم يقال:
صفا يصفو صفاء، وأصفاه بكذا إصفاء، واصطفاه اصطفاء، ويصفى تصفيا وصفاء وتصفية، وصافاه مصافاة.
وقوله " أما يشركون " من قرأ - بالتاء - وجهه إلى أنه خطاب لهم. ومن قرأ - بالياء - فعلى الخبر. وقوله " آلله خير أما " معناه خير لنا منا لأنفسا، ولفظ أفعل لا يدخل إلا بين شيئين يشتركان في حكم ويفضل أحدهما على صاحبه، وما يعبدون من دون الله لا خير فيه. قال أبو علي: يجوز أن يقع ذلك في الخير الذي لا شر فيه، والشر الذي لا خير فيه. وإن كان يتوهم بعض الجهال الامر على خلاف ما هو به، فتقول: هذا الخير خير من الشر. وانكر على من خالف هذا. وأجاز قوم من أهل اللغة ذلك على ما مضى القول فيه في غير موضع.
ثم قال لهم: أمن الذي " خلق السماوات والأرض " بأن أنشأها واخترعها
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست