وفى ذلك دلالة على أن أحدا لا يصلح في دينه إلا بلطف الله (عز وجل) له، لان ذلك عام لجميع المكلفين الذين يزكون بهذا الفضل من الله.
وقوله " ولكن الله يزكي من يشاء " معناه من يعلم أن له لطفا يفعله به ليزكو عنده. وقيل: يزكي من يشاء بالثناء عليه. والأول أجود (والله سميع عليم) معناه إنه يفعل المصالح والالطاف على ما يعلمه من المصلحة للمكلفين. لأنه يسمع أصواتهم ويعلم أحوالهم.
وفي الآية دلالة على أنه تعالى يريد لخلقه خلاف ما يريده الشيطان، لأنه ذكره عقيب قوله (يأمر بالفحشاء والمنكر).
وقوله (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة) فالايتلاء القسم، يقال آلى يؤلي إيلاء إذا حلف على أمر من الأمور، ويأتل (يفتعل) من الالية على وزن (يقتضي) من القضية، ومن قرأ (يتأل) فعلى وزن (يتفعل)، والمعنى لا يحلف أن لا يؤتي.
وقال ابن عباس وعائشة وابن زيد: إن الآية نزلت في أبي بكر، ومسطح بن أثاثة، وكان يجري عليه، ويقوم بنفقته، فقطعها وحلف ان لا ينفعه أبدا، لما كان منه من الدخول مع أصحاب الافك في عائشة، فلما نزلت هذه الآية عاد أبو بكر له إلى ما كان، وقال: والله اني لأحب ان يغفر الله لي، والله لا أنزعها عنه ابدا. وكان مسطح ابن خالة أبي بكر، وكان مسكينا ومهاجرا من مكة إلى المدينة، ومن جملة البدريين. وقال الحسن ومجاهد: الآية نزلت في يتيم كان في حجر أبي بكر، حلف الا ينفق عليه. وروي عن ابن عباس وغيره: أن الآية نزلت في جماعة من أصحاب - رسول الله حلفوا أن لا يواسوا أصحاب الافك. وقال قوم: هذا نهي عام لجميع أولي الفضل والسعة أن يحلفوا ألا يؤتوا أولي القربى والمساكين والفقراء، وهو أولى