التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤١٦
حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم القوافل (1) فقالت له: لكنك لست كذلك. وقوله " له عذاب عظيم " يعني جزاء على ما اكتسبه من الاثم. وقوله " لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا " معناه هلا حين سمعتم هذا الافك من القائلين ظن المؤمنون بالمؤمنين الذين هم كأنفسهم خيرا، لان المؤمنين كلهم كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور، فإذا جرى على أحدهم محنة، فكأنه جرى على جماعتهم، وهو كقوله " فسلموا على أنفسكم " (2) وهو قول مجاهد، قال الشاعر في (لولا) بمعنى (هلا):
تعدون عقر النيب أفضل مجد لكم * بني ضوطرى لولا الكمي المقنعا (3) اي فهلا تعدون قتل الكمي. وقوله تعالى " وقالوا هذا افك مبين " معناه وهلا قالوا هذا القول كذب ظاهر. ثم قال تعالى " لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء " أي هلا جاؤوا على ما قالوه ببينة أربعة من الشهداء " فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك " الذين قالوا هذا الافك " هم الكاذبون " عند الله، والمعنى انهم كاذبون في عيبهم، فمن جوز صدقهم، فهو راد لخبر الله تعالى، فالآية دالة على كذب من قذف عائشة، وافك عليها. فأما في غيرها إذا رماها الانسان، فانا لا نقطع على كذبه عند الله، وإن أقمنا عليه الحد، وقلنا هو كاذب في الظاهر، لأنه يجوز أن يكون صادقا عند الله، وهو قول الجبائي.
ثم قال تعالى على وجه الامتنان على المؤمنين " ولولا فضل الله عليكم ورحمته

(١) تفسير القرطبي ١٢ / 200 (2) سورة 24 النور آية 61 (3) قائلة جرير ديوانه (دار بيروت) 265، وقد مر في 1 / 319، 435 و 6 / 319 ورواية الديوان:
تعدون عقر النيب أفضل سعيكم * بني ضوطرى هلا الكمي المقنعا
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»
الفهرست