هذا خطاب من الله تعالى للمؤمنين ينهاهم أن يدخلوا بيوتا لا يملكونها، وهي ملك غيرهم إلا بعد أن يستأنسوا، ومعناه يستأذنوا، والاستئناس الاستئذان - في قول ابن عباس وابن مسعود وإبراهيم وقتادة - وكأن المعنى يستأنسوا بالاذن.
وروي عن ابن عباس أنه قال: القراءة " حتى تستأذنوا " وإنما وهم الكتاب. وهو قول سعيد ابن جبير، وبه قرأ أبي بن كعب. وقال مجاهد: حتى تستأنسوا بالتنحنح والكلام الذي يقوم مقام الاستئذان. وقد بين الله تعالى ذلك في قوله " وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا " (1) قال عطاء: وهو واجب في أمه وسائر أهله والاستئناس طلب الانس بالعلم أو غيره، كقول العرب: اذهب فاستأنس هل ترى أحدا، ومنه قوله " فان آنستم منهم رشدا " (2) اي علمتم.
وقوله " وتسلموا على أهلها " معناه على أهل البيوت ينبغي أن تسلموا عليهم وإذا أذنوا لكم في الدخول فادخلوها. وروى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
(الاستئذان ثلاث، فان أذنوا، وإلا فارجع) فدعاه عمر، فقال لتأتيني بالبينة وإلا عاقبتك، فمضى أبو موسى، فأتى بمن سمع الحديث معه.
والفرق بين الاذن في الدخول، وبين الدعاء إليه، أن الدعاء إليه، يدل على إرادة الداعي، وليس كذلك الاذن. وفى الدعاء رغبة الداعي أو المدعو، وليس كذلك الاذن وقوله " ذلكم خير لكم " يعني الاستئذان خير لكم من تركه، لتتذكروا في ذلك، فلا تهجموا على العورات.
وقوله " فإن لم تجدوا فيها أحدا " يعني ان لم تعلموا في البيوت أحدا يأذن لكم في الدخول " فلا تدخلوها " لأنه ربما كان فيما مالا يجوز أن تطلعوا عليه إلا بعد أن يأذن أربابها في ذلك، يقال: وجد إذا علم.