التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٤٣٢
هذا خطاب من الله للمكلفين من الرجال يأمرهم الله تعالى أن يزوجوا الأيامى اللواتي لهم عليهن ولاية، وأن يزوجوا الصالحين المستورين الذين يفعلون الطاعات من المماليك والإماء إذا كانوا ملكا لهم، والأيامى جمع (أيم) وهي المرأة التي لا زوج لها سواء كانت بكرا أو ثيبا. ويقال للرجل الذي لا زوجة له: أيم أيضا ووزن أيم (فيعل) بمعنى (فعيل) فجمعت كجمع يتيم ويتيمة ويتامى، وقال جميل:
أحب الأيامى إذ بثينة أيم * وأحببت لما أن غنيت الغوانيا (1) ويجوز جمعه أيايم، ويقال: امرأة أيم وايمة إذا لم يكن لها زوج، قال الشاعر:
فان تنكحي أنكح وإن تتأيمي * يدا الدهر ما لم تنكحي أتأيم (2) وقال قوم: الأيم التي مات زوجها، ومنه قوله (عليه السلام): (والأيم أحق بنفسها) يعني الثيب. ومعنى أنكحوا زوجوا، يقال: نكح إذا تزوج، وأنكح غيره إذا زوجه. وقيل: ان الامر بتزويج الأيامى إذا أردن ذلك أمر فرض، والامر بتزويج الأمة إذا أرادت ندب، وكذلك العبد.
وقوله " ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم " معناه لا تمتنعوا من انكاح المرأة أو الرجل إذا كانوا صالحين، لأجل فقرهما، وقلة ذات أيديهما، فإنهم وإن كانوا كذلك، فان الله تعالى يغنيهم من فضله، فإنه تعالى واسع المقدور، كثير الفضل، عليم بأحوالهم وبما يصلحهم، فهو يعطيهم على قدر ذلك. وقال قوم:
معناه إن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله بذلك عن الحرام. فعلى الأول تكون الآية خاصة في الأحرار. وعلى الثاني عامة في الأحرار، والمماليك.
وقوله " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله " أمر

(1) ديوانه (دار بيروت) 48 (2) لسان العرب (أيم) وتفسير الطبري 18 / 88 والقرطبي 12 / 240
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»
الفهرست