والآخرة ولهم عذاب عظيم (23) يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون (24) يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين) (25) خمس آيات بلا خلاف.
قرأ أبو جعفر المدني " ولا يتأل " على وزن (يتفعل) الهمزة مفتوحة بعد التاء، واللام مشددة مفتوحة. الباقون " يأتل " على وزن (يفتعل). الهمزة ساكنة. وقرأ أهل الكوفة إلا عاصما " يوم يشهد " بالياء، لان تأنيث الألسنة ليس بحقيقي، ولأنه حصل فصل بين الفعل والفاعل. الباقون بالتاء، لان الألسنة مؤنثة.
هذا خطاب من الله تعالى للمؤمنين المعترفين بتوحيد الله المصدقين لرسله، ينهاهم فيه عن اتباع خطوات الشيطان، وخطوات الشيطان تخطية الحلال إلى الحرام. والمعنى لا تسلكوا مسالك الشيطان، ولا تذهبوا مذهبه، والاتباع الذهاب فيما كان من الجهات التي يدعو الداعي إليها بذهابه فيها، فمن وافق الشيطان فيما يدعو إليه من الضلال، فقد اتبعه. والاتباع اقتفاء أثر الداعي إلى الجهة بذهابه فيها، وهو بالتثقيل والتخفيف بمعنى الاقتداء به. والمعنى لا تتبعوا الشيطان بموافقته فيما يدعو إليه. ثم قال " ومن يتبع خطوات الشيطان " فيما يدعوه إليه " فإنه " يعني الشيطان " يأمر بالفحشاء " يعني القبائح " والمنكر " من الافعال. والفحشاء كل قبيح عظيم. والمنكر الفساد الذي ينكره العقل ويزجر عنه.
ثم قال تعالى " ولولا فضل الله عليكم ورحمته " بان يلطف لكم، ويزجركم عن ارتكاب المعاصي " ما زكى منكم من أحدا ابدا " ف (من) زائدة، والمعنى ما فعل أحد منكم الافعال الجميلة إلا بلطف من جهته أو وعيد من قبله. وقال ابن زيد: معناه لولا فضل الله ما أسلم أحد منكم.