التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٨٥
هو الجدب وضيق الرزق، والقتل بالسيف (فما استكانوا لربهم) أي لم يذلوا عند هذه الشدائد، ولم يتضرعوا إليه، فيطلبوا كشف البلاء منه تعالى عنهم بالاستكانة له، والاستكانة طلب السكون خوفا من السطوة. يقال: استكان الرجل استكانة إذا ذل عند الشدة.
وقوله (حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون) فالفتح فرج الباب بطريق يمكن السلوك فيه، فكأنه فتح عليهم بابا أتاهم منه العذاب.
وقيل: ان ذلك حين دعا النبي صلى الله عليه وآله فقال: (اللهم سنين كسني يوسف) فجاعوا حتى أكلوا العلهز وهو الوبر بالدم في قول مجاهد.
وقال ابن عباس: هو القتل يوم بدر. وقال الجبائي فتحنا عليهم بابا من عذاب جهنم في الآخرة.
والابلاس الحيرة لليأس من الرحمة، يقال: أبلس فلان إبلاسا إذا بهت عند انقطاع الحجة.
وقوله (وهو الذي أنشأكم) أي أوجدكم، واخترعكم من غير سبب " وجعل لكم السمع والابصار " أي وخلق لكم السمع تسمعون به الأصوات والابصار تبصرون بها المرئيات وخلق لكم (الأفئدة) وهو جمع فؤاد، وهو القلب (قليلا ما تشكرون) نصب (قليلا) على المصدر و (ما) صلة، وتقديره تشكرون قليلا لهذه النعم التي أنعم بها عليكم.
ثم قال (وهو الذي ذرأكم) اي خلقكم وأوجدكم (وفى الأرض واليه تحشرون) يوم القيامة، فيجازيكم على أعمالكم إما الثواب أو العقاب. والمراد إلى الموضع الذي يختص تعالى بالتصرف فيه، ولا يبقى لاحد هناك ملك. وقال الفراء:
وهو الذي خلق السماوات والأرض أي اختراعهما، وأنشأهما، وقدرهما على ما فيهما
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست