التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٨٥
وأصل المغرم لزوم الامر، ومنه قوله " إن عذابها كان غراما " (1) أي لازما، وحب غرام أي لازم، والغريم كل واحد من المتداينين، وغرمته كذا ألزمته إياه في ماله. وقوله " ويتربص بكم الدوائر " فالتربص التمسك بالشئ لعاقبة ومنه التربص بالطعام لزيادة السعر، فهؤلاء يتربصون بالمؤمنين لعاقبة من الدوائر.
والدائرة جمعها دوائر وهي العواقب المذمومة. وقال الفراء والزجاج: كانوا يتربصون بهم الموت والقتل، وإنما خص رفع النعمة بالدوائر دون رفع النقمة، لان النعمة أغلب وأعم لان كل واحد لا يخلو من نعم الله وليس كذلك النقمة، لأنها خاصة. والنعمة عامة. وقد قيل: دارت لهم الدنيا بخلاف دارت عليهم. ثم قال تعالى " عليهم دائرة السوء " يعني على هؤلاء المنافقين دائرة العذاب والبلاء - في قراءة من قرأ بالضم - وقوله " والله سميع عليم " معناه - هاهنا - انه يسمع ما يقوله هؤلاء المنافقون ويعلم بواطن أمورهم، ولا يخفى عليه شئ من حالهم وحال غيرهم.
قوله تعالى:
ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم (100) آية.
قرأ ورش وإسماعيل " قربة " بضم الراء، اتبع الضمة التي قبلها. وقال أبو علي: لا يجوز أن يكون اتباعا لما قبله لان ذلك إنما يجوز في الوقف آخر الكلم وإنما الضمة فيها الأصل، وإنما خففت في قولهم: رسل وطنب، فقالوا: رسل وطنب فإذا جمع فلا يجوز فيه غير ضم الراء، لان الحركة الأصلية لا بد من ردها في الجمع.

(1) سورة 25 الفرقان آية 65.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست