قرأ يعقوب وجده " وكلمة الله هي العليا " بالنصب على تقدير وجعل كلمة الله هي العليا ومن رفع استأنف، وهو أبلغ لأنه يفيد أن كلمة الله العليا على كل حال.
وهذا أيضا زجر آخر وتهديد لمن خاطبه في الآية الأولى بأنهم إن لم ينصروا النبي صلى الله عليه وآله ولم يقاتلوا معه ولم يجاهدوا عدوه " فقد نصره الله " أي قد فعل الله به النصر حين اخرجه الكفار من مكة " ثاني اثنين ". وهو نصب على الحال اي هو ومعه آخر، وهو أبو بكر في وقت كونهما في الغار من حيث " قال لصاحبه " يعني أبا بكر " لا تحزن " اي لا تخف. ولا تجزع " ان الله معنا " أي ينصرنا. والنصرة على ضربين: أحدهما - يكون نعمة على من ينصره. والاخر - لا يكون كذلك، فنصرة المؤمنين تكون إحسانا من الناصر إلى نفسه لان ذلك طاعة لله ولم تكن نعمة على النبي صلى الله عليه وآله. والثاني - من ينصر غيره لينفعه بما تدعوا إليه الحكمة كان ذلك نعمة عليه مثل نصرة الله لنبيه صلى الله عليه وآله ومعنى " ثاني اثنين " أحد اثنين يقولون هذا ثاني اثنين، وثالث ثلاثة، ورابع أربعة، وخامس خمسة، لأنه مشتق من المضاف إليه. وقد يقولون خامس أربعة أي خمس الأربعة بمصيره فيهم بعد أن لم يكن.
والغار ثقب عظيم في الجبل. قيل: وهو جبل بمكة يقال له ثور، في قول قتادة.
وقال مجاهد: مكث النبي صلى الله عليه وآله في الغار مع أبي بكر ثلاثا. وقال الحسن: أنبت الله على باب الغار ثمامة، وهي شجيرة صغيرة. وقال غيره: الهم العنكبوت؟؟؟؟
على باب الغار. وأصل الغار الدخول إلى عمق الخباء. ومنه قوله " إن أصبح ماؤكم غورا " (1) وغارت عينه تغور غورا إذا دخلت في رأسه. ومنه أغار على القوم إذا أخرجهم من أخبيتهم بهجومه عليهم.
وقوله " فأنزل الله سكينته عليه " قيل فيمن تعود الهاء إليه قولان: أحدهما - قال الزجاج: إنها تعود إلى النبي صلى الله عليه وآله. والثاني - قال الجبائي: تعود على أبي بكر