التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢١٦
" النس ء " على وزن النسع. وقرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر " يضل " بضم الياء وفتح الضاد. وقرأ يعقوب بضم الياء وكسر الضاد. الباقون بفتح الياء وكسر الضاد قال أبو علي: وجه قراءة ابن كثير إذا قرأت على وزن النسع ان (النسئ) التأخير. قال أبو زيد: نسأت الإبل في ظمئها يوما أو يومين أو أكثر من ذلك، والمصدر " النسئ " ويقال: الإبل نسأتها على الحوض وأنا أنسأنها نسئا إذا اخرتها عنه. قال: وما روي عن ابن كثير من قراءته بالياء فذلك على ابدال الياء من الهمزة، ولا أعلمها لغة في التأخير، كما أن أرجيت لغة في أرجأت. وما روي فيه من التشديد فعلى تخفيف الهمز، لان النسي بتشديد الياء على وزن فعيل بالتخفيف قياسي. وسيبويه لا يجيز نحو هذا القلب الذي في النسئ الا في ضرورة الشعر. وابن زيد يراه ويروي كثيرا عن العرب. ومن قرأ بالمد والهمز فلانه أكثر هذا في المعنى. قال أبو زيد: أنسأته الدين إنساء إذا أخترته واسم ذلك النسيئة والنسأ. وكان النسئ في الشهور تأخير حرمة شهر إلى شهر ليست له تلك الحرمة فيحرمون بهذا التأخير ما أحل الله ويحلون ما حرم الله. والنسئ مصدر كالنذير والنكير وعذير الحي. ولا يجوز أن يكون (فعيلا) بمعنى مفعول لأنه حمل على ذلك كأن معناه إنما المؤخر زيادة في الكفر. المؤخر الشهر وليس الشهر نفسه بزيادة في الكفر، وإنما الزيادة في الكفر تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر ليست له تلك الحرمة. وقال أبو عبيدة فيما روى عن الثوري من قوله: إنما النسئ زيادة في الكفر، قال: كانوا قد وكلوا قوما من بني كنانة يقال لهم:
بنوا فقيم وكانوا يؤخرون المحرم وذلك نساء الشهور لا يفعلون ذلك الا في ذي الحجة إذا اجتمعت العرب للموسم، فينادي مناد أن افعلوا ذلك لحاجة أو لحرب، وليس كل سنة يفعلون ذلك، فان أرادوا ان يحلوا المحرم نادوا هذا صفر وان المحرم الأكبر صفر، وربما جعلوا صفرا محرما مع ذي القعدة حتى يذهب الناس إلى منازلهم إذا نادى المنادي بذلك، وكانوا يسمون المحرم صفرا ويقدمون ويقدمون صفرا سنة ويؤخرونه.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست