التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٩٤
وأما من قال: إن الفعل واجد، وهو من الله تعالى بالايجاد، ومن العبد بالاكتساب فباطل، لأنه خلاف المفهوم من الكلام، ولو كان كذلك لم يجز أن ينفى عنه إلا بتقييد كما لا ينفى عن الله الا بتقييد.
وقوله " وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا " معناه لينعم عليهم نعمة حسنة.
والمعنى ولينصرهم الله نصرا جميلا ويختبرهم بالتي هي أحسن، ومعنى يبليهم - ههنا - يسدي إليهم. وقيل للنعمة بلاء وللمضرة أيضا مثل ذلك، لان أصله ما يظهر به الامر من الشكر أو الصبر، ومنه يبتلي بمعنى يختبر ويمتحن وسميت النعمة بذلك لاظهار الشكر، والضر لاظهار الصبر الذي يجب به الاجر.
وقوله " إن الله سميع عليم " معناه انه يسمع دعاء من يدعوه ويعلم ماله فيه من المصلحة فيجيبه إليه.
قوله تعالى:
ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين (18) آية.
قرأ ابن عامر وحمزة الكسائي وأبو بكر عن عاصم: " موهن " خفيفة منونة.
وقرا أبو عمرو وابن كثير ونافع شديدة. وقرأ حفص عن عاصم خفيفة مضافة وخفض " كيد ". وقرأ الباقون بنصب كيد.
تقول: وهن الشئ وأوهنته انا كما تقول: فرح وأفرحته، وخرج وأخرجته فمن قرأ " موهن " مخففا فمن أوهن اي جعله واهنا، ومن شدد فمن قولهم: وهنته كما تقول خرج وخرجته وعرف وعرفته. ومنه قوله " فما وهنوا لما أصابهم " (1) وتقول: وهن يهن مثل ومق يمق وولي يلي، وهو أيضا ينقل بالهمزة وتثقيل العين أيضا والأمران جميعا حسنان، واختار الأخفش القراءة بالتخفيف. والوهن الضعف ومنه قولهم: توهن توهنا اي ضعف، ومن قال قوله " ذلكم " في موضع رفع قال

(1) سورة 3 آل عمران آية 146
(٩٤)
مفاتيح البحث: الشكر (1)، الصبر (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست