التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٨٩
وقطع بنانهم جزاء بما شاقوا الله ورسوله. قال الزجاج: معناه جانبوا الله، اي صاروا في جانب غير جانب المؤمنين، ومثله حاربوا الله. و " الشقاق " أصله الانفصال من قولهم: انشق انشقاقا، وشقه شقا، واشتق القوم إذا مر بينهم، وشاقه شقاقا إذا صار في شق عدوه عليه، وتشقق تشققا، وشقق تشقيقا، ومنه اشتقاق الكلام لأنه انفصال الكلمة عما يحتمله الأصل. ومعنى " شاقوا الله " شاقوا أولياء الله كما قال " ان الذين يؤذون الله ورسوله " (1). وقوله " ومن يشاقق الله " يجوز في العربية الاظهار والادغام، فاما أن يأتي على الأصل للحاجة إلى حركة الأول، وإما ان يحرك الثاني - لالتقاء الساكنين - بالكسر. ويجوز الفتح والأول أجود مع الألف واللام لتأكد سببه.
وقوله " فان الله شديد العقاب " شدة العقاب عظمه بجنس فوق جنس أدنى منه، لان العظم على ضربين: أحدهما - بالتضاعف في المرتبة الواحدة. والثاني - بالترقي إلى مرتبة بجنس يخالف الجنس الذي في أدنى مرتبة.
قوله تعالى:
ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار (14) آية.
العامل في " ذلكم " يحتمل أحد وجهين: أحدهما - الابتداء على تقدير الامر " ذلكم "، قال الزجاج: من قال: إنه يرفع " ذلكم " بما عاد عليه من الهاء أو بالابتداء وجعل " فذوقوه " الخبر، فقد أخطأ، لان ما بعد الفاء لا يكون خبر المبتدأ لا يجوز " زيد فمنطلق " ولا " زيد فاضربه " الا ان تضمر هذا كقول الشاعر:
وقائله خولان فانكح فتاتهم * وأكرومة الحيين خلو كما هيا (2) أي هذه خولان. الثاني - أن يكون نصبا يذوقوا، كما تقول: زيدا فاضربه.

(1) سورة 33 الأحزاب آية 57 (2) اللسان (خلا)
(٨٩)
مفاتيح البحث: الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست