التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٩١
هذا خطاب للذين آمنوا من بين المكلفين ناداهم الله ليقبلوا إلى امر الله بما يأمرهم به وانتهائهم عما ينهاهم عنه بالتأمل له والتدبر لموجبه ليعملوا به ويكونوا على يقين منه. وقوله " إذا لقيتم الذين كفروا " فالالتقاء الاجتماع على وجه المقاربة لان الاجتماع قد يكون على غير وجه المقاربة، فلا يكون لقاء كاجتماع الاعراض في المحل الواحد. و " الذين كفروا " هم الذين جحدوا نعم الله أو من كان بمنزلة الجاحد.
فالمشرك كافر، لأنه في حكم الجاحد لنعم الله إذا عبد غيره.
وقوله " زحفا " نصب على المصدر، فالزحف هو الدنو قليلا قليلا والتزاحف التداني، زحف يزحف زحفا، وازحفت القوم إذا دنوت لقتالهم وثبت لهم، والمزحف من الشعر الذي قد تدانت حروفه على ما أبطلت وزنه.
وقوله: " فلا تولوهم الادبار " نهي لهم عن الفرار عند لقائهم الكفار وقتالهم إياهم.
قوله تعالى:
ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير (16) آية اخبر الله تعالى ان " من يولهم " يعني الكفار " يومئذ " يوم القتال " دبره فقد باء بغضب من الله ". والتولية جعل الشئ يلي غيره وهو متعد إلى مفعولين. ولاه دبره إذا جعله يليه، ومنه ولاه البلد من ولاية الامارة، وتولى هو إذا قبل الولاية وأولاه نعمة، لأنه جعلها تليه.
وقوله " يومئذ " يجوز اعرابه وبناؤه، فاعرابه لأنه متمكن أضيف على تقدير الإضافة الحقيقية، كقولك هذا يوم ذلك، وأما البناء فلانه أضيف إلى مبني إضافة غير حقيقية، فأشبه الأسماء المركبة، وقوله " الا متحرفا لقتال " فالتحرف الزوال
(٩١)
مفاتيح البحث: القتل (3)، النهي (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست