التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٢٤
الاخبار، كما يقولون انظر إلى الشمس تغرب. وقيل: ان المعنى لا يؤمنون ايمان الجاء حتى يروا العذاب الأليم وهم مع ذلك لا يؤمنون ايمان اختيار أصلا. وقال بعضهم: اللام لام (كي) وانه أعطاهم الأموال والزينة لكي يضلوا عقوبة وهذا خطأ، لأنه يوجب أن يكون ضلالهم عن الدين طاعة لله.
قوله تعالى:
قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون (89) آية حكى الله تعالى أنه أجاب موسى وهارون، فقال لهما " قد أجيبت دعوتكما " والجواب موافقة للدعوة فيما طلب بها لوقوعها على تلك الصفة. فالله تعالى يجيب الدعاء إذا وقع بشروط الحكمة. واختلفوا في هل يجوز أن يجيب الله تعالى دعوة الكافر أم لا؟ فقال أبو علي الجبائي: لا يجوز لان اجابته إكرام له كما يقولون: فلان مجاب الدعوة اي هو رجل صالح. والكافر ليس بهذه المنزلة. وقال أبو بكر بن الاخشاد: يجوز ذلك إذا كان فيه ضرب من المصلحة. والإجابة قد تكون من الأعلى للأدون من غير ترغيب المدعو. والطاعة لا تكون إلا من الأدنى للأعلى.
ولا يجوز عند أكثر المحصلين ان يدعو نبي على قومه من غير إذن سمعي، لأنه لا يأمن أن يكون منهم من يتوب مع اللطف في التبقية، فلا يجاب. ويكون ذلك فتنة.
والدعوة طلب الفعل بصيغة الامر وقد يدعى بصيغة الماضي كقولك: غفر الله لك وأحسن إليك، وجزاك الله خيرا. وإنما قال " أجيبت دعوتكما " والداعي موسى لان دعاء موسى كان مع تأمين هارون - على ما قاله الربيع وابن زيد وعكرمة ومحمد بن كعب وأبو العالية - والمؤمن داع، لان المعنى في التأمين اللهم أجب هذا الدعاء. وقوله " فاستقيما " امر منه تعالى لهما بالاستقامة في دعائهما لفرعون
(٤٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 ... » »»
الفهرست