التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٢٦
الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين (90) آية.
قرأ أهل الكوفة الا عاصما " آمنت انه " بكسر الألف. الباقون بفتحها قال أبو علي: من فتح الهمزة فلان هذا الفعل فصل بحرف الجر في نحو " يؤمنون بالغيب " (1) و " يؤمنون بالجبت " (2) فلما حذف الحرف وصل الفعل إلى (ان) فصار في موضع نصب أو خفض على الخلاف في ذلك. ومن كسر الألف حمله على القول المضمر كأنه قال " آمنت " فقلت إنه، واضمار القول في نحو هذا كثير. وهذا أحسن لان قوله (انه لا إله إلا الله) في المعنى ايمان، وإذا قال آمنت فكأنه ذكر ذلك. وقال الرماني: من كسر (إن) جعله بدلا من (آمنت).
ومن فتح جعله معمول (آمنت) وفي الكلام حذف، لان تقديره فاتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا فيه فغرقناه حتى إذا ادركه الغرق.
حكى الله تعالى أنه جاوز ببني إسرائيل البحر بمعنى أخرجهم منه بأن جفف لهم البحر وجعله طرقا حتى جاوزوه. والمجاوزة الخروج عن الحد من احدى الجهات الأربعة، لأنه لو خرج عن البحر بقليل وهو متعلق عليه لم يكن قد جاوزه.
والبحر مستقر الماء الواسع بحيث لا يدرك طرفه من كان في وسطه. ويقال: ما فلان إلا بحر لسعة عطائه. وقوله " فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا " فالاتباع طلب اللحاق بالأول: اتبعه اتباعا وتبعه بمعنى. وحكى أبو عبيدة عن الكسائي أنه قال إذا أريد انه اتبعه خيرا أو شرا قالوا بقطع الهمزة، وإذا أريد انه اقتدى بهم واتبع أثرهم قالوا بتشديد التاء ووصل الهمزة. والبغي طلب الاستعلاء بغير حق. والباغي مذموم لقوله تعالى " فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى امر الله " (3). و (عدوا) معناه عدوانا وظلما.

(1) سورة 2 البقرة آية 3 (2) سورة 4 النساء آية 50 (3) سورة 49 الحجرات آية 9
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»
الفهرست