التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤١٩
ابن عباس انه أراد الا قليل من قومه. وقيل كانت أمهاتهم من بني إسرائيل وآباؤهم من القبط. وقيل سموا ذرية لأنهم أولاد الذين ارسل عليهم موسى فلم يستجب الاباء وقيل: الأبناء. وقيل: هم قوم من بني إسرائيل أخذهم فرعون بتعلم السحر وجعلهم من أصحابه. ويحتمل أن يكون ذرية على وزن (فعلية) مأخوذا من الذر كقمرية.
والثاني - أن يكون على وزن (فعلية) من الذرو في تذروه الرياح كقولك مزقته، ويجوز أن يكون من ذرأ الله الخلق فترك همزه والفتنة في الدين الامتحان الذي يصرف عنه. وقد يكون ذلك بالاكراه تارة وبالهدى أخرى، وبالشبهة الداعية إلى الضلال وقوله " إن فرعون لعال في الأرض " فالعلو في الامر عظم الشأن فيه، وكل معنى لا يخلو من أن يكون في صفة عالية أو دانية أو فيما بينهما من الجلالة والضعة.
والضمير في قوله " وملئهم " قيل فيمن يعود إليه ثلاثة أقوال: أحدها - إلى الذرية فقط. الثاني - إلى فرعون واتباعه. الثالث - إلى فرعون، لأنه معلوم.
وقوله " وإنه لمن المسرفين " اخبار منه تعالى ان فرعون لمن جملة من أبعد في مجاوزة الحق. والاسراف قد يكون في القتل وفي الاكتار من المعاصي.
قوله تعالى:
وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين (84) آية.
حكى الله تعالى عن موسى أنه قال لقومه: إن كنتم صدقتم بتوحيد الله فتوكلوا عليه إن كنتم مسلمين وإنما أعاد قوله " إن كنتم مسلمين " بعد قوله " إن كنتم آمنتم بالله " ليتبين المعنى بالصفتين من الا يمان والاسلام وبالتقييد والاطلاق على أن الثقة بالله توجب الاستسلام لامره. والتوكل التوثق باسناد الامر إلى الله. والوكالة عقد الامر لمن يقوم به مقام مالكه. والله عز وجل أملك بالعبد من نفسه فهو أحق بهذه
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»
الفهرست