التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٢٩
حجج الله وبيناته أي ذاهبون عنها والغفلة ذهاب المعنى عن النفس ونقيضها اليقظة، والمراد بذمهم بالغفلة عن آيات الله التعريض بأنهم تركوا النظر في آيات الله.
قوله تعالى:
ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيمة فيما كانوا فيه يختلفون (93) آية قوله " ولقد بوأنا " اخبار منه تعالى أنه وطأ منزل بني إسرائيل والتبوء توطئة المنزل لصاحبه الذي يأوي إليه، تقول: بوأته منزلا تبويئا وتبوأ، وباء بالامر بواء أي رجع. وقوله " مبوأ صدق " أي منزل صدق أي فيه فضل كفضل الصدق، كما يقال: أخو صدق وقيل: انه يصدق فيما يدل عليه من جلالة النعمة. وقوله " ورزقناهم من الطيبات " أي ملكناهم الأشياء اللذيذة. والرزق العقد على العطاء الجاري، ودلت الآية على سعة أرزاق بني إسرائيل. وقوله " فما اختلفوا حتى جاءهم العلم " قيل في معناه وجهان: أحدهما - أنهم كانوا على الكفر فما اختلفوا حتى جاءهم الدليل المؤدي إلى العلم من جهة الرسول والكتاب، فآمن فريق وكفر آخرون - وهو قول الحسن وابن جريح وابن زيد - وقال قوم: كانوا على الاقرار بالنبي قبل مبعثه بصفته ونعته، فما اختلفوا حتى جاءهم معلوم العلم به. والمنزل الصدق الذي أنزلوه قيل فيه ثلاثة أقوال: قال الحسن: هو مصر وهو منزل صالح خصب آمن.
وقال قتادة: هو الشام وبيت المقدس. وقال الضحاك: هو الشام ومصر.
وقوله " إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون " اخبار منه تعالى انه الذي يتولى الفصل بين بني إسرائيل في الأمور التي يختلفون فيها.
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست