التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٢١
- في قول مجاهد - وقال أبو الضحى والجبائي معناه: لا يظهروا علينا فيروا أنهم خير منا.
وقوله " ونجنا " معناه خلصنا مما فيه المخافة والشماتة. وإنما جاز وصف الله تعالى بالرحمة مع كثرة استعمالها في الرقة لدلالة التعظيم على انتفاء معنى الرقة ان نعمه في الاسباغ والكثرة تقع موقع ما تبعث عليه الرقة. وإنما سألوا النجاة من استعباد فرعون وملائه إياهم وأخذهم بالاعمال الشاقة والمهن الخسيسة.
قوله تعالى:
وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين (78) آية.
أخبر الله تعالى انه أوحى إلى موسى وأخيه بمعنى ألقى اليهما في خفاء والايحاء والايماء والإشارة نظائر، وكله بيان ودلالة. وحكى الرماني أن قوما أجازوا أن يوحي الله إلى من ليس بنبي برؤيا أو إلهام، قال: وليس يجوز عندنا على المعنى الذي يقع الوحي إلى الأنبياء، لأنه إنما يقع على خلاف مجرى العادة بمعجزة تشهد بأنه تعالى ألقى المعنى إليه. ولا يجوز ان تطلق الصفة بالوحي الا لنبي فان قيد ذلك على خلاف هذا المعنى كان جائزا، كقوله " وأوحى ربك إلى النحل " (1) ومعنى قوله " تبوءا " اتخذا يقال: بوأته منزلا أي اتخذته له وأصله الرجوع من " باؤوا بغضب من الله " (2) أي رجعوا، والمبوء المنزل لأنه يرجع إليه للمقام فيه ومنه قولهم (بؤ بشسع كليب) أي ارجع به. وقوله " واجعلوا بيوتكم قبلة " معناه مصلى. وقيل قبلة: مسجدا، لأنهم كانوا خائفين فأمروا بأن يصلوا في بيوتهم - في قول ابن عباس ومجاهد وإبراهيم والسدي والضحاك والربيع -

(1) سورة 16 النحل آية 68 (2) سورة 2 البقرة آية 61 وسورة 3 آل عمران آية 112
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»
الفهرست