الصفة. ويوجب التوكل على الله النجاة من كل محذور، والفوز بكل سرور وحبور إذا اخلص العمل فيه وسلمت النية فيه. وحذفت ياء الإضافة من قوله " يا قوم " اجتزاء بالكسرة منها وهو في النداء أحسن من اثباتها لقوة النداء على التغيير. وفائدة الآية البيان عما يعمل عليه عند نزول الشدة من أن من كان يؤمن بالله فليتوكل على الله ويسلم امره إليه ثقة بحسن تدبيره له.
قوله تعالى:
فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين (85) ونجنا برحمتك من القوم الكافرين (86) آيتان الفاء في قوله " فقالوا " فاء العطف وجواب الامر كما يقال قال السائل كذا فقال المجيب كذا. وإنما جاز الفاء في الجواب ولم تجز الواو، لان الفاء ترتيب من غير مهلة، فهي موافقة لمعنى وجوب الثاني بالأول وليس كذلك الواو.
لما حكى الله تعالى قول موسى لقومه " إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا " حكى ما أجاب به قومه من قولهم: توكلنا على الله، وانهم سألوا الله وقالوا " ربنا لا تجعلنا فتنة " أي محنة واعتبارا " للقوم الظالمين " وخلصنا " برحمتك من القوم " الذين كفروا بآياتك، وكل كافر ظالم لنفسه بتعرضه للعقاب وليس كل ظالم كافرا. والفتنة أصلها البلية وهي معاملة تظهر الأمور الباطنة. يقال فتنت الذهب إذا أحرقته بالنار ليظهر الخلاص وقوله " يوم هم على النار يفتنون " (1) اي يحرقون بما فيه من اظهار حالهم في الضلال وقوله " والفتنة أشد من القتل " (2) معناه التعذيب للرد عن الدين، لما فيه من اظهار النصرة أشد، ومعنى " لا تجعلنا فتنة " للقوم الظالمين " لا تمكنهم من ظلمنا بما يحملنا على اظهار الانصراف عن ديننا