التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٩٣
والندامة الحسرة على ما كان يتمنى انه لم يكن، وهي حالة معقولة يتأسف صاحبها على ما وقع منه ويود أنه لم يكن أوقعه. وقال أبو عبيدة " أسروا " معناه أظهروا.
قال الأزهري: هذا غلط إنما يكون بمعنى الاظهار ما كان بالشين المنقطة من فوق وقوله " وقضي بينهم بالقسط " اي فصل بينهم بالعدل " وهم لا يظلمون " في القضاء والحكم بينهم وما يفعل بهم من العقاب، لأنهم جروه على أنفسهم بارتكاب المعاصي.
وروي أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله ما يغنيهم اسرار الندامة وهم في النار؟ قال:
(يكرهون شماتة الاعداء) وروي مثله عن أبي عبد الله عليه السلام.
قوله تعالى:
ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون (55) آية " ألا " كلمة تستعمل في التنبيه، وأصلها (لا) دخلت عليها حرف الاستفهام تقريرا وتأكيدا، فصارت تنبيها وكسرت (إن) بعد (ألا) لان (ألا) يستأنف ما بعدها لينبه بها على معنى الابتداء: ولذلك وقع بعدها الامر والدعاء كقول امرئ القيس:
ألا أنعم صباحا أيها الطلل البالي * وهل ينعمن من كان في العصر الخالي (1) ووجه اتصال هذه الآية بما قبلها أحد أمرين: أحدهما - للاثبات بعد النفي لان ما قبلها ليس للظالم ما يفتدي به بل جميع الملك لله تعالى. والثاني - أن يكون معناه من يملك السماوات والأرض يقدر على ايقاع ما توعد به. والسماوات جمع سماء وهو مأخوذ من السمو الذي هو العلو، وهي المزينة بالكواكب وهي سقف الأرض، وهي طبقات، كما قال سبع سماوات طباقا. وجمعت السماوات، ووحدت

(1) ديوانه 158 وهو مطلع قصيدة له مشهورة.
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست