التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٩٧
امر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله أن يقول للمكلفين افرحوا بفضل الله، وهو زيادة نعمه وإنما جاز أن يقول: فضل الله، وإنما هو من أفضال الله، لأنه في موضع أفضال، كما أن النبات في موضع إنبات في قوله " أنبتكم من الأرض نباتا " (1) وأيضا فان إضافة الفضل إلى الله بمعنى الملك كما يضاف العبد إليه بمعنى انه مالك له. والفرح لذة في القلب بادراك ما يحب، وان شئت قلت: هو لذة في القلب بنيل المشتهى، وقد حسنه الله في هذه الآية فدل على أنه لا يحب الفرحين بمعنى البطرين.
وقوله " هو خير مما يجمعون " قيل فضل الله هو القرآن، ورحمته هو الاسلام " خير مما يجمعون " من الذهب والفضة. ذكره ابن عباس وأبو سعيد الخدري والحسن وقتادة ومجاهد. ومن قرأ بالياء عنى به المخاطبين والغيب، غير أنه غلب الغيب على المخاطبين، كما غلب التذكير على التأنيث، فكأنه أراد به المؤمنين وغيرهم. ومن قرأ بالتاء كان المعنى فافرحوا بذلك أيها المؤمنون اي افرحوا بفضل الله، فان ما آتاكموه من الموعظة شفاء ما في الصدور خير مما يجمع غيركم من اعراض الدنيا. وقال أبو جعفر عليه السلام " بفضل الله " يعني الاقرار برسول الله و " برحمته " الائتمام بعلي عليه السلام " خير مما " يجمع هؤلاء من الذهب والفضة. وإذا حملت الآية على عمومها كان هذا أيضا داخلا فيها.
قوله تعالى قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أذن لكم أم على الله تفترون (59) آية.
قال الحسن: المعنى بهذه الآية مشركوا العرب قال الله لهم " أرأيتم " ما أنزل الله لكم من رزق " أي أرزاق العباد من المطر الذي ينزله الله " فجعلتم منه حراما

(1) سورة 71 نوح آية 17
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»
الفهرست