التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٩٨
وحلالا " يعني ما حرموا من السائبة والوصيلة والحام، وما حرموا من زروعهم.
قل يا محمد لهم " آلله أذن لكم أم على الله تفترون؟ " معناه انه لم يأذن لكم في شئ من ذلك بل أنتم تكذبون في ذلك على الله. واستدل قوم بذلك على أن القياس في الاحكام لا يجوز. قال الزجاج (ما) في قوله " ما أنزل الله " في موضع نصب ب‍ (انزل) والمعنى انكم جعلتم البحائر والسوائب حراما، والله تعالى لم يحرم ذلك وتكون (ما) بمعنى الاستفهام. ويحتمل أن تكون (ما) بمعنى الذي وتكن نصبا ب‍ (أرأيتم). والرزق منسوب كله إلى الله لأنه لا سبيل للعبد إليه الا باطلاقه بفعله له أو اذنه فيه اما عقلا أو سمعا. ولا يكون الشئ رزقا بمجرد التمكين لأنه لو كان كذلك لكان الحرام رزقا، لان الله مكن فيه. قال الرماني:
التحريم عقد بمعنى النهي عن الفعل والتحليل حل معنى النهي بالاذن.
قوله تعالى:
وما ظن الذين يفترون على الله كذب يوم القيمة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون (60) آية المعنى أي شئ يظن الذين يكذبون على الله انه يصيبهم يوم القامة على افترائهم على الله، اي لا ينبغي ان يظنوا ان يصيبهم على ذلك الا العذاب والعقاب، وجعل ذلك زجرا عن الكذب على الله. ثم اخبر تعالى " ان الله لذو فضل على الناس " بما فعل بهم من ضروب النعم " ولكن أكثرهم لا يشكرون " نعمه ولا يعترفون به ويجحدونه. وهذا خرج مخرج التقريع على افتراء الكذب، وإن كان بصورة الاستفهام وتقديره أيؤديهم إلى خير أم شر؟. وافتراء الكذب أفحش من فعل الكذب بتزويره وتنميقه فالزاجر عنه أشد. وقيل: معنى قوله " لذو فضل على الناس " أي لم يضيق عليهم بالتحريم لما لا مصلحة لهم في تحريمه كما ادعيتم عليه. وقيل:
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»
الفهرست