فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي (1) فالفاء في قوله فاجزعي زيادة مثل التي في " فليفرحوا " وقال الفراء " فبذلك " بدل من قوله " بفضل الله وبرحمته ". ومن قرأ بالياء جعله أمرا للغائب، واللام إنما تدخل على فعل الغائب لان المواجهة استغني فيها عن اللام بقولهم (افعل) فصار مشبها للماضي في قولك (يدع) الذي استغني عنه ب (ترك)، ولو قلت بالتاء لكنت مستعملا لما هو كالمرفوض، وإن كان الأصل. ولا يرجح القراءة بالتاء لكونها هي الأصل لأنه أصل مرفوض. ومن قرأ بالتاء اعتبر الخطاب الذي قبله من قوله " قد جاءتكم موعظة.. فلتفرحوا " وزعموا أنها في قراءة أبي فافرحوا قال أبو الحسن: وزعموا انها لغة وهي قليلة بمعنى لتضرب، وأنت تخاطب. فان قيل: كيف جاء الامر للمؤمنين بالفرح، وقد ذم الله ذلك في مواضع من القرآن كقوله " إن الله لا يحب الفرحين " (2) وقال " إنه لفرح فخور " (3) وغير ذلك؟. قيل: أكثر ما جاء مقترنا بالذم من ذلك ما كان مطلقا، فإذا قيد لم يكن ذما كقوله " يرزقون فرحين " (4) وفي الآية مقيد بذلك. فأما قوله " فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله " (5) فإنه مقيد ومع ذلك فهو مذموم، لكنه مقيد بما يقتضي الذم، كما جاء مقيدا بما لا يقتضي الذم وإن قيد بما يقتضي ومقيده بحسب ما يقيد به، فان قيد بما يقتضي الذم، أفاد الذم وإن قيد بما يقتضي المدح أفاد المدح. فأما قوله " فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم " (6) وقوله " ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله " (7) والفرح بنصر الله للمؤمنين محمود، كان ان القعود عن رسول الله بالتقييد في الموضعين مذموم.
(٣٩٦)