التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٠٤
قوله تعالى ألا إن الله من في السماوات ومن في الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون (66) آية قد بينا مضى أن أصل (ألا) (لا) وإنما دخلت عليها حرف الاستفهام تنبيها. والفرق بين (ألا) و (أما) أن (ألا) للاستقبال ولا تقع بعدها (إن) الا مكسورة. و (اما) تكون بمعنى حقا كقولهم اما انه منطلق، لأنها للحال ويجوز بعد (اما) كسر (ان) وفتحها.
لما سلى الله النبي صلى الله عليه وآله فقال " لا يحزنك " قول هؤلاء الكفار ف‍ " ان العزة لله " يعني القدرة والقهر فإنهم لا يفوتونه، بين بعد ذلك ما يدل عليه وينبه على صحته وهو أن له تعالى " من في السماوات ومن في الأرض " يعني العقلاء. وإذا كان له ملك العقلاء فما عداهم تابع لهم، ووجب أن يكون ملكا له وإنما خص العقلاء تعظيما للامر. وقوله " وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء " تحتمل (ما) في قوله " وما يتبع " وجهين: أحدهما - أن تكون بمعنى (اي) كأنه قال واي شئ يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء، تقبيحا لفعلهم. الثاني - أن تكون نافية، وتقديره وما يتبعون شركاء في الحقيقة والمعرفة.
وقوله " ان يتبعون الا الظن " معناه ليس يتبعون في اتخاذهم مع الله شركاء الا الظن لتقليدهم اسلافهم في ذلك أو لشبهة دخلت عليهم بأنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى وبين بعد ذلك انهم ليسوا الا كاذبين بهذا القول والاعتقاد - في قوله " ان هم الا يخرصون ". وفائدة الآية الإبانة عن انه يجب اخلاص العبادة لمن يملك السماوات والأرض وان لا يشرك معه في العبادة غيره.
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»
الفهرست