التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣١٤
ب‍ (تزيغ) فذكر وإن كان فاعله مؤنثا لتقدم الفعل. ومن قرأ بالتاء جاز أن يكون ذهب إلى أن القلوب مرتفعة ب‍ (كاد) فلا يكون يرفع فعلا مقدما فإذا لم يكن مقدما قبح التذكير لتقدم ذكر الفاعل كما قبح في قول الشاعر:
ولا أرض أبقل إبقالها (1) ولم يصح أبقل أرض. ويجوز أن يكون الفعل المسند على القصة والحديث يؤنث إذا كان في الجملة التي تفسيرها مؤنث كقوله " فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا " (2) ويجوز إلحاق التاء في " كاد " من وجه آخر، وهو أن يرفع " تزيغ قلوب " ب‍ " كاد " فتلحقه علامة التأنيث من حيث كان مسندا إلى مؤنث كقوله " قالت الاعراب (3) فعلى هذا يكون في " تزيغ " ضمير القلوب. لأن النية في " تزيغ " التأخير.
اقسم الله تعالى في هذه الآية - لان لام " لقد " لام القسم - بأنه تعالى تاب على النبي والمهاجرين والأنصار بمعنى أنه بمعنى أنه رجع إليهم، وقبل توبتهم " الذين اتبعوه في ساعة العسرة " يعني في الخروج مع إلى تبوك. و " العسرة " صعوبة الامر وكان ذلك في غزوة تبوك لأنه لحقهم فيها مشقة شديدة من قلة الماء حتى نحروا الإبل وعصروا كروشها ومصوا النوى. وقل زادهم وظهرهم - في قول مجاهد وجابر وقتادة - وروي عن عمر أنه قال: أصابنا عطش شديد فأمطر الله السماء بدعاء النبي صلى الله عليه وآله فعشنا بذلك " من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم " والزيغ ميل القلب عن الحق، ومنه قوله " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " (4) ومنه قوله " لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا " (5) وكان أبو خيثمة عبد الله بن خيثمة تخلف إلى أن مضى من مسير رسول الله عشرة أيام ثم دخل يوما على امرأتين له - في يوم حار - عريشين

(1) مر تخريجه في 1 / 126 (2) سورة 21 الأنبياء آية 97 (3) سورة 49 الحجرات آية 14 (4) سورة 61 الصف آية 5 (5) سورة 3 آل عمران آية 8
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»
الفهرست